|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  7 / 2 / 2023                                 د. كاظم الموسوي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

غزو البلهاء

كاظم الموسوي 
(موقع الناس)

مَن يقلب الصورة؟، كيف يصبح الحمقى اهم من الحائزين على جائزة نوبل؟. ماذا تفعل وسائل الاتصال الحديثة؟، ومن يسمح لهؤلاء الحمقى ان يصدقوا أنفسهم ويصروا على "اهميتهم "؟!. اسئلة تثار ويعرف الجواب احيانا، ومرات يصمت عليه مجاملة أو تحابيا أو تغافلا، وفي النهاية تصب في خيانة الثقافة والزمن والإنسان وجمال الحياة.

هذه ليست طرفة او امرا عابرا، بل انها اخذت تشغل حيزها من القراءة والقراء، وتزيد في قتامة الصورة المنشودة من الثقافة والمعرفة والعلم!.

لهذا ليس غريبا ان يكتب الكاتب الايطالي امبيرتو ايكو، قبيل رحيله، ان ادوات مثل تويتر وفيسبوك منحت حق الكلام لفيالق من الحمقى.. ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط، بعد كأس من النبيذ دون أن يتسببوا باي ضرر للمجتمع ، وكان يتم اسكاتهم فورا، أما الان فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحملون جائزة نوبل، انه غزو البلهاء!.

غزو البلهاء، الحمقى، العنوان الذي استعيره من هذا الكاتب ولم اجد له بديلا. واعلم ان المسألة هنا لا تتعلق طبعا بحرية التعبير ولا بحق الكلام او القول، وانما ارتباطها في المعنى والمدلول، والجوهر والهدف، والغاية والقدرة والابداع والفكر.. وترتبط بالوعي، وبالوعي النقدي، والقدرات والملكات الابداعية، فليس كل فقيه متفقه، كما ليس كل من كتب اسطرا صار كاتبا او "مفكرا"!، بمزاجه ورغبته والحاجه الى تعريف نفسه أو الطلب من "حاشيته" التهويل له وتسعبر او تسليع الإعلان عنه وتسويقه، وحتى من نشر كتابا او علق صورته على صفحة فيسبوك اسما علما او خبيرا استراتيجيا في الاداب والفنون والتقانة والعلوم الاخرى. رغم أنه قد يكون مختصا في شأن ما أو قد يكون خبيرا في أمر ما ولكن ليس فيلسوفا أو مبدعا في الاداب والفنون والمعارف العامة، او كاتبا هاويا او محترفا. .وهذه نظرة في هذا المجال الذي كتب عنه الكاتب الايطالي.

فاذا وسعنا النظر واتجهنا صوب منظمات اخرى ولا سيما من يسمون انفسهم او يختار لهم الاسم، اعضاء ناشطين فيها، كمنظمات "لافتة" حقوق الانسان، والتي تتناقض حتى مع الاسم الذي تحمله، هي كمنظمة او نشطاؤها البارزون. وقد كشفت محاكم بريطانية قبل سنوات فضائح لبعض هذه المسميات واصحابها، وعرف من اسس بعضها علنا وبالاسم، اجهزة مخابرات انظمة رجعية متخلفة في الوطن العربي ولم يخجل ادعياؤها منها، واستمروا باسماء ومسميات وحفلات اخرى.. وكشفت وسائل اعلام عن دور نشطاء معروفين بالعمل في اجهزة مخابرات دول قمعية دكتاتورية في الوقت الذي يكرمون به باسم حقوق الانسان. فيا لمأساة هذه الحقوق، والمفردات الجميلة مثلها، وكم حمل او وضع على صدره اوسمة باسمها وهي بعيدة.. بعيدة جدا عن إي معنى لها..

مسكينة حقوق الإنسان، مسكينة الحرية، كم جميلة هذه الكلمات؟!، وكم ارتكب بأسمها من جرائم أو محرمات أو فضائح مخزية؟!.
اصبحت هذه الوسائل والطاقات والمنظمات كما هو البترول في البلدان العربية، نعمة ونقمة. نعمة للتواصل والتثقيف والاثراء الروحي والمعنوي والمادي، ونقمة في استخدامها من قبل بعض الناس والدول للتجهيل والتدليس والتضليل وغسل الأدمغة وكي العقول، والنزعة الطاووسية المدفوعة الثمن أو التكلفة مسبقاً.


وفي التجارب اليومية هناك كثير من الامثلة والشواهد والوقائع والقصص التي تكشف وتقول قولها. لكل الاسباب، هذه وغيرها، لم افتح صفحة لي في هذه الوسائل رغم اهميتها ومعرفتي بها لكني اثرت التريث وتجنب زلات الاعدقاء المتربصين، وحاولت ان أكون الناصح الأمين.. وكما يبدو ان لكل شيء وجهين، وقد يتغلب احدهما على الاخر، وهذا اختبار غير معلوم أو عبور خطر قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.. والله اعلم!.


قال صاحبي: نصحت بعضا من هؤلاء ان يطالعوا ويقرأوا ويجدوا قبل ان يكتبوا وينتقدوا ويصدروا احكاما واوصافا ليست في محلها او بعكس مرادها الا اذا كانت هذه غايتها وهدفها. فليس من الصحيح أو الجميل أن تكتب نصا حافلا بأخطاء نحوية أو لغوية، وليس من المناسب الا تحترم قواعد اللغة التي تكتب بها، فهذه ليست عيبا لغويا وحسب، بل وعيب أخلاقي ايضا، ويجب الحرص على التعلم والتثقيف قبل خوض الغمار.


واضاف صاحبي: وبلغ الامر ببعض ان اشتري له كتبا واهديها له وانصحه .. وضاعت النصيحة والهدية والنوايا الحسنة.. وفي وصف مثل هؤلاء قال العرب قديما وهو ما ينطبق عليهم اسم الحمقى، والحمق داء لا دواء له:

لقد أسمعت إذ ناديت حيًا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
لقد أذكيت إذ أوقدت نارًا *** ولكن ضاعَ نفخُكَ في الرمادِ

وهذا الرماد هو ما يغلب في الكثير من واجهات النشر، وحتى في مواقع إلكترونية أو مجموعات الواتسآب أو التويتر أو الانستجرام أو أمثالها. وهي ليست فضيحة وحسب وليست منفردة وتمر، بل صارت حالة مرضية أو وبائية قد تغطي على المطلوب والمقصود والمفيد فعلا.

أمام هذه الحالة القائمة والخطيرة لابد من قوانين عمل وضبط واشراف وتقدير واحترام للثقافة والفنون والآداب والأخلاق الحميدة، عكس ما تقوم به هيئات بعض الوسائل، والفيسبوك أو التويتر من خطوات قمع سياسية فكرية تخدم مصالح استعمارية ودول معادية لحرية الكلمة والرأي والتعبير. وباتت الأمور أكثر من واضحة ومعروفة ولابد من وقفة ضمير وإحساس عال بالمسؤولية الثقافية والاجتماعية والأخلاقية..

تتطور التقنية وتتنوع الوسائل الاتصالية ولأن اغلبها بالمجان في الاستخدام لها فلم يعد الأمر محصورا أو مقيدا. إذ اتاحت الثورات التقنية المجالات رحبة أمام الجميع وتركت للمستخدم استعمال عقله وقدراته في الإبداع والتطوير والتحديث والتنوير. وتلك هي القصة والموضوع، حيث يتوجب ضبط الامور واحترام حقوق الشبكة العنكبوتية والقارئ وزمنه والاستفادة منها في ما يقدم للمجتمع من كل ما ينفعه ويطوره، لا العكس منه، كما يفعل البلهاء.




 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter