| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الأحد 28/4/ 2013                                                                                

 

وأخيرا وقعتم في الفخ البعثي

جواد وادي

حتى نكون عراقيين حقا ينبغي أن نقف على مسافة واحدة من كل الأطياف العراقية في عموم جغرافية العراق، دونما تمييز بين هذه الطائفة وتلك، وينبغي أن يكون هذا المبدأ هو الهوية الحقيقية لكل العراقيين الموزعين على تراب الوطن الذي ينبغي أن يكون مصدر عزة وفخر لنا جميعا، ولا بديل للعراقي إلا بهذا الموقف الوطني الأصيل، لتبقى كل الملفات الأخرى توابع ومكملة، إذا ما أردنا صادقين بناء وطن تتحكم فيه أسس الهوية الوطنية المستمدة من القانون والدستور وما أتفق عليه، والابتعاد عن المنزلقات الخطيرة والانجرار وراء أحابيل المتصيدين لاقتناص الفرص المتاحة بسبب وهن السياسيين وتكالبهم على الامتيازات، وجر الجيش لهذا الطرف وذاك، فبات إذن من شروط المواطنة الحقة النهوض بهذا الوطن الجريح والمحاصر بالكوارث بعد كبواته وسنوات المحن التي مرت به على يد النظام البعثي الفاشي المجرم، يجب أن يقف العراقيون يدا بيد دونما تحيز لتلك الطائفة وهذا المذهب والقومية وغيرها من القنابل الطائفية الموقوتة والمعدة للانفجار في أية لحظة، لأسباب من أهمها تغليب الانتماء للطائفة على الوطن، وهذه المواقف الخطيرة من المزالق المميتة، وهذا ما حدث في المناطق الغربية، وأهمها مجزرة الحويجة والتي لم يكن لها أي مبرر، إذا ما تغلبت الحكمة والعقل المتزن في التحكم في انفلات النفس الضعيفة والمواقف الهشة وعدم كبح جماح الاندفاع غير المحسوب النتائج. وما قام به أئمة المساجد، وخطباء الجمعة، وسياسيون فارون من المساءلة، وزعماء عشائر من شحن طاىفي مقيت لهو مدان ومرفوض ومستهجن.

إذا كان هؤلاء هم من يؤجج الوضع، فكيف نعتب عن الناس البسطاء، واليوم صباحا سمعت أحدهم يكبر بأعلى صوته ويمجد بالحرس الجمهوري، وما أدراكم ما الحرس الجمهوري، ومن هنا يمكننا القول بعد أن توضحت الصورة، من فمك أدينك.

أن الغيمة السوداء التي تهيمن على سماء العراق ينبغي ألا تعمي قلوب وأبصار عقلاء الناس، وبالتالي تضيع البوصلة، لندخل جميعا وبإرادتنا على خط الخراب، فبسبب الفلول البعثية بفتنها وشيطنتها، وكل المتصيدين لخراب العراق وتحت أجندات تسعى لهذا الاحتراب، يقينا إذا ما هيمنت هذه الأهداف على ذوي الفهم المحدود، ستتحول الأرض العراقية إلى مقابر يحفرها أصحابها بأيديهم وعلى مقاساتهم هم، وفي أية لحظة ستتجه ماكنة المحو نحوهم هم دون غيرهم. وما من رابح أو خاسر في مناطحة الثيران هذه، بعد أن تخور القوى وتحين الفرصة لأمراء الحرب للانقضاض على الغنيمة وبسهولة ويسر، وهذا ما استبشر به النقشبنديون، والبعثيون، ومجرمو القاعدة، وغيرهم، ممن يسعون لتطبيق مبدأ الخراب: ( ليس عليّ بل على أعدائي وعلى أدوات التنفيذ) و (دوني والطوفان) و (غايتنا تبرر السعي للخراب).

فهل يعي فرسان الفتن من المعممين والسياسيين وزعماء بعض العشائر في مناطقنا الغربية العزيزة ما يقومون به من إدخال العراق في نفق الإحتراب الطائفي الذي سيكون الطوفان الجارف لكل العراقيين دونما استثناء، وبالتالي سيجد الأبرياء أنهم دفعوا بالعراق إلى المحرقة دونما قصد، دافعهم هي عواطفهم غير الموجهة بالاتجاه الصحيح لإعارة آذانهم لأمراء الحروب والفتن من بعثيين ونقشبنديين وخفافيش القاعدة وكل من يريد الخراب للعراق.

وهل انتبه اليافعون لخطورة الأفعال الشيطانية التي يدفعهم إليها القتلة والمجرمون؟ وهم بلباسهم الجديد وحلتهم القشيبة ليحولوا الشباب إلى وقود أحقادهم وضغائنهم وساديتهم، وهؤلاء يقينا سيكونون أول من يتبرأ من أفعال الشباب، لتبرئة أفعالهم الخاسئة يوم يضيق عليهم الحال.

نحن هنا لا ندافع عن الحكومة ولا عن أفعالها، ولا يجب أن نقف مع المخطئين والمتجاوزين والخارجين عن القانون، لأننا جميعا سواسية أمام سيد المواقف كلها، القانون، الذي لا يميز بين هذا المواطن وذاك، ويبقى المعيار الأساسي هو المواطنة الحقة، والدفاع عن حقوق المواطنين، وعدم المساس أبدا بكرامتهم، وحريتهم في التعبير والدفاع عن إرادتهم وحقهم في نيل الحياة الكريمة.

هذه مبادئ معروفة ومسلمات ولا غبار عليها، ومن اللازم أن تكون هي الخيمة التي يعيش تحت سقفها كل العراقيين، وإن اختلفوا، فالقنوات المشروعة والقانونية هي السبيل لحل كل المشاكل، وسيصبح كل العراقيين مع المتضرر وضد أي شطط للسلطة، وهذه من صور الديمقراطية الحقيقية ومن اشتراطات السلوك الحضاري، إذا ما أردنا بناء العراق واستعادة أي حق مستلب، بل سيكون كل العالم مع أصحاب الحق والوقوف معهم للحصول على كل حقوقهم الوطنية، وغير ذلك فأن أي تحرك ضد النظام والقانون من شأنه أن يثير النعرات ويحرض على الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد وسيكون مرفوضا ومدانا ومستهجنا شكلا ومضمونا.

ولعل ما حدث ويحدث من فوضى لا تليق بنا جميعا، من دماء تسيل هدرا لأبرياء، حتى وإن كانوا مرتكبين لخروقات مهما كان حجمها، تعتبر دروسا ينبغي التوقف عندها والاتعاظ بها، لتكون بوصلة كل العراقيين باتجاه رص صفوفهم وبناء وطنهم، فكم سيكون جميلا ورائعا يوم أن نجد البصراوي يعمل مع الأنباري لإعادة بناء ما خربته حروب الصبيان في الرمادي الغالية،

وكم سيكون مفرحا أن نجد التكريتي يعمل جنبا لجنب مع الميساني لبناء المدن والقرى والمداشر التلفانة في عموم ربوع الوطن الذي يستصرخ الآن الحمية العراقية ونبذ الخلافات الضيقة والنظر للمستقبل بعين وروح ومواطنة العراقي الأبي والنزيه وفارس البناء الحقيقي، لا ذلك الساعي للخراب والدمار على حساب دماء الأبرياء وأنين الضحايا ونوح الثكالى وصراخ الأطفال الميتمين على يد القتلة والمجرمين.

هذه رسالة لكل المتناحرين للعودة إلى الحكمة والعقل الرزين والتفكر لما ستؤول إليه نتائج الإحتراب الأهوج والمدمر.

ولا تتركوا الفرصة لمن يصب الزيت على نار الاقتتال الوطني، لأنه من المعيب والمخجل أن يتحول العراقي إلى قنطرة ليعبر عليها المجرمون وصولا لأهدافهم، وبالتالي يسعى المجرمون إلى تدمير تلك القنطرة وسقوطها في هوة سحيقة، وبالتالي يصل العراقي إلى عظ الأصابع ندما لما فعل.
عندها لا ينفع الندم بعد أن يصل الدمار إلى مرحلة اللا عودة من خراب البصرة.
والعبرة لمن يتعظ من العراقيين الذين ليس لهم إلا التساكن والتعايش معا وبمحبة، قبل أن تتحول الأمور إلى أضيق من خرم الأبرة، ويتحول الجميع إلى أيتام بلا وطن.
والعبرة لمن اعتبر
والحليم من اتعظ



* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter