| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الأحد 13/3/ 2011                                                                                

 

ما هكذا يكرم الوطنيون الأحرار يا سيد المالكي؟

جواد وادي *

اختلت الموازين في العراق حتى اختلط الحابل بالنابل وعاد العراقي لا يميز قبل وقت المد الجماهيري يوم 25 شباط بين الصالح والطالح حتى تبين لنا جميعا أن العراقي ليس غائبا في دار (غفلون) كما يقول الأخوة المغاربة لان المصائب التي يعانيها العراقي بعد أن خبر كذب وبهتان من أدلى بصوته لصالحهم تفك الحديد لا سريرة المواطن العراقي المبتلي بساسته بعد آن بلغ بهم الأمر آن يكون خطاب المسئول السياسي طلاسميا لاستغفال الناس والضحك على الذقون ولكن المفاجئة إن العراقي ليس من فصيلة من يمرر عليه المراءون اباطيلا وحيلا وخلف الظهور تتم اللصوصية بشيطنة مفضوحة. فمن المغفل يا ترى حين تتزايد مشاكل المواطن يوما بعد آخر والوعود لم تكن سوى هذر في هذر وكاتب هذه السطور وقف على تفاصيل الخراب في كل المناحي خدمية كانت أم بطاقة تموينية تعليمية أم انعدام فرص العمل وسواها من المشاكل التي لا حصر لها.

تحرر العراق والعراقيون من قبضة البعث منذ ثمان سنوات وتتالت حكومات بألوان قاتمة وأنفقت على الورق ملايير الدولارات إذا ما استثمرت بعيدا عن اللصوصية والنهب لتم بناء عراق جديد (بالكاغد) فاين ذهبت كل هذه الملايير يا ترى؟ ومن هو السارق؟ ومن سكت على عمليات النهب؟ ومن هم اللصوص؟ واين حل بهم الوقت؟ وهل من العسير الإمساك بهم ومحاسبتهم وهم معروفون حتى لأطفال عكركوف فردا فردا.

كل هذا الخراب بفرسانه تنبه له وعانى منه وما زال كل العراقيين حتى اؤلئك المقربين من الأحزاب الحاكمة أدامها الله ذخرا للنهب والسطو غير المسلح وأحيانا المسلح كما حدث للبنك الذي قام بسرقته بعض أفراد قواتنا الأمنية الباسلة وبتخطيط من أعلى هرم للسلطة وهم لا زالوا يسرحون ويمرحون. لينطبق عليهم المثل (حاميها حراميها).

هل من أخلاق وقيم ومبادئ السياسي ومن يدعي الفضيلة والنزاهة أن يسكت على كل هذه التجاوزات الخطيرة أم أن الأحرى أن يحترم نفسه ويبتعد عن فوضى الخراب إذا لم يكن على قدر من الشكيمة السياسية والنزاهة لمحاسبة المتجاوزين أيا كان موقعهم ودرجة أهميتهم.

ما قام به السيد المالكي بعد أن أصبح هو المرجع الأول والأخير في اتخاذ القرارات من إجراءات وتوصيات وأوامر باعتباره القائد العام للقوات الأمنية ضد فصيل أسس لمبادئ العمل السياسي في العراق والمنطقة قبل أن يتعرف السيد المالكي على أبجديات الوعي السياسي، هذا الفصيل الذي قدم آلاف القرابين من الشهداء من اجل عراق حر ديمقراطي مستقل وعانى من أنظمة قمعية وفاشية حاولت زحزحته عن هذه المبادئ لكن شراستها ضد إقتلاع الحزب من جذوره الضاربة في العمق العراقي بقوة باءت بالفشل وزالت تلك الأنظمة الفاسدة وبقى الحزب متجذرا في الأرض العراقية بحيث بات رديفا لوجود العراق والعراقيين ولا يمكن إزاحته أو إضعافه أو مهادنته إلا بزوال الوطن العراقي، لأنه وببساطة يستمد قوته من الشعب الكادح بكل فصائله فهل بإمكان خفافيش الحقد محو الشعب المحب للعمل الوطني الحقيقي والذي يمثل هذا الحزب العتيد إرادته وسر وجوده، هذا الشعب الجريح الذي وبغفلة من الوقت استغل المنحرفون سياسيا طيبته وتوقه للخلاص من النظام البعثي الفاشي بعد أن جثم على صدره لعقود ليتطلع إلى الحرية والانعتاق ليعبثوا بمصيره وما نعيشه اليوم من تردي خطير في المسار العراقي الذي راهن العراقيون على الدخول إلى فسحة الأمل الجديد من البناء والعيش الكريم بعد التغيير لكن البوصلة انحرفت وتناسل اللصوص والطارئون وبدل أن يعيش العراق والعراقيون حالات متقدمة من التحول الحقيقي نحو البناء ظلت دار لقمان على حالها بل وساءت أكثر ولم يعد من سمة للوضع العراقي غير النهب والتجاوز على المال العام وتفشي الفساد بمديات فاقت التصور.

إذن ما المطلوب من العراقيين المظلومين أن يفعلوا بعد وثقوا بهذه الثلة الفاسدة والمنحرفة وندموا على ما اختاروا؟ سوى تصحيح المسار والتكفير عن الأخطاء التي ارتكبوها باختيار من ضحك على ذقونهم بتوظيفات دينية ووطنية اكتشف الجميع حتى المقربين للأحزاب الحاكمة أنها كانت مجرد وعود كاذبة وإيمان مزيف بشعارات ساعدهم في ذلك الوضع المتردي الذي كان عليه العراق بعد سقوط الصنم، وكأن هذه المخلوقات كانت تتحين فرصة التغيير من اجل الانقضاض على الغنيمة وحصل لها ما أرادت وظل العراقي المنكوب يندب حظه ندما ولا من مجيب. أليس أنت معي يا سيد مالكي أن البدائل أمام العراقيين ضاقت كثيرا وبات أمامهم مصيران لا ثالث لهما فإما الموت آو الكرامة؟

وحين خرجت جموع المتضررين من العراقيين المظلومين كان الأولى بك وبكل من هم ألان على سدة الحكم مباركة أي عمل سلمي للتعبير عن الاحتقان الذي يعتمل في صدور الناس المتضررين من الوقوف على الحقيقة والاستماع إلى المطالب والمبادرة بقيادة الاحتجاجات والإنصات بعين العقل لما يعانيه الناس سيما وانتم جميعا بكل رتبكم ومسؤولياتكم السياسية تعترفون بوجود هذه المظالم وكنا نأمل لان تكحل عيوننا بسلوكات وطنية تخفف من وطأة الاحتقانات لا أن تكون آنت ومن يلتف حولك سببا في تفجرها بحيث بدأنا نسمع كلمات لا تليق بشخصك وبقية البطانة وهذا الأمر يقلل كثيرا من نظرة الناس واحترامها لكم.

ونحن هنا في ديار الغربة نسمع ونقرأ وتصلنا أخباركم وانتم ومنتسبو أحزابكم تقودون العراق نحو الطغيان من جديد فهل صحيح أنكم كنتم من ضحايا طغيان البعث وفاشيته؟ ما دفعنا لطرح هكذا سؤال هو أنه من غير المنطقي والمعقول أن يتحول ضحية الأمس بجلاد راهن.

ماذا فعل الحزب الشيوعي سوى مصداقيته بالانتماء إلى المحرومين وحثهم على الخروج السلمي للتعبير عن عدم رضاهم بما يحدث وهذا تحول نوعي في تاريخ العراق ونحن هنا نتفاخر أن يبلغ العراقيون هذه المرحلة من الاحتجاجات الحضارية بطرق سلمية، وكان حري بكم أن تشاركوننا ذات التفاخر بهذه الانتقالة اللافتة والبليغة لا أن تنتفخ الأوداج لهذا التحرك المطلبي السلمي وينتج عنه إزهاق أرواح بريئة واعتقالات ظالمة للصحفيين والمواطنين المنزوعي السلاح سوى الإيمان بمطالبهم المشروعة واستعمال أجهزتكم القمعية ضد المتظاهرين وبأساليب وحشية ومرفوضة.
ومما ضاعف الاحتقان ضدكم سعيكم لمعاقبة الحزب الشيوعي باقتحام منتسبيكم الأمنيين لإخلاء مقراته القانونية لينسحب الإجراء على حزب الأمة.

هل هذا هو التكريم المنشود منكم لإعادة الاعتبار للحزب الذي قدم ألاف الضحايا على درب الحرية والتحرر وما انتم فيه الآن ما هو إلا ثمرة نضالات الحزب الشيوعي والأحزاب الوطنية الأخرى التي قدمت الغالي والنفيس من اجل الانعتاق من الحكم البعثي الدموي المجرم ولا نذهب بعيدا حين نتذكر شهداء الحركة الوطنية جميعا ومنهم شهداء حزبكم، حزب الدعوة الذي قدم هو بدوره القرابين لأجل وصولكم إلى ما انتم عليه الآن هل هذا هو جزاء شهداء العراق الابرار.

تذكروا يا ساسة العراق بكل تلويناتكم أن السيد الآلوسي ضحى بولديه وتعرض هو نفسه للموت قربانا للوطن على يد القتلة من بعثيين ومجرمي القاعدة.
هل تتم مجازاتهم بفعل الإغلاق التعسفي لمقرات غير متجاوز عليها أصلا وعلى مقربة منها سطو علني وفاضح لأملاك عمومية وخاصة تشغلها أحزابكم ولا من إجراء لتطبيق العدالة الغائبة قطعا.

في زيارتي الأخيرة للعراق كنت اسأل عن مقرات حزبية تشغل أبنية كبيرة وبمساحات شاسعة على جانبي نهر دجلة فكانت الأجوبة المرة تأتيني من الأصدقاء بان هذا هو مقر حزب كذا وذاك مقرا حزب كذا وكلها أبنية تم احتلالها عن غصب ودون وجه حق حكومية كانت أم خاصة، فلماذا لم يبادر السيد المالكي بإجراء موحد علما أن حزبي الأمة والشيوعي يستغلان الأبنية بطرق قانونية؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها وما خفي كان أعظم. ثم لماذا هذا التوقيت بالذات وبعيد وأثناء الاحتجاجات الجماهيرية؟ ماذا يريد السيد المالكي من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي تقود التظاهرات المطلبية السلمية أن تفعل والفساد يستشري بشكل خطير في كل مفاصل الحياة العراقية وفرسانه من أقرب المقربين له؟ أظن أن عدوى كرسي السلطة قد تمكن بقوة من الرجل الذي كان بالأمس القريب عقلانيا جدا دفعنا لان نمتدحه بالحق في مقالاتنا كونه واجه مخاطر ظننا حينها انه سيقود العراق إلى بر الأمان فانضممنا في صف المغفلين؟ فهل لهذا الكرسي اللعين كل هذا الفعل المخيف على جالسيه ؟

إن للحزب الشيوعي يا سيد مالكي أملاكا وأموالا استحوذ عليها أوباش البعث ولم يستردها حتى اللحظة برغم الدعاوى المرفوعة دون نتيجة، فان كان السيد المالكي حريص على تطبيق القانون في دولة القانون فلماذا لا يتدخل في استرداد الحقوق؟ أم أن الحالتين متناقضتان في نظره ولله في خلقه شؤون.

لم يبق لي غير أن اذكّر السيد المالكي أن للكرسي سطوته العظيمة التي إذا ما وجدت النفوس الضعيفة الطامعة بالسلطة فأنها يقينا تنتزع آدمية البشر ولم يعد بمقدورهم تمييز الصالح من الطالح، وإذا ما جرفهم التيار فإنهم سيفقدون الخيط والعصفور معا وبالتالي يصدق عليهم المثل العراقي الحكيم (لا حضت برجيلها ولا خذت سيد علي)

والعبرة لمن اعتبر
 


* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter