|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  19 / 8 / 2019                                       جواد كاظم غلوم                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

آثامُ الابتسامة في الوجوه

جواد كاظم غلوم
(موقع الناس)

حينما نجول بين الناس في مراكز التجمعات واكتظاظ الملأ في الأسواق والتجمعات البشرية عندنا ؛ نلحظ بان هناك شعور بالاختناق والنرفزة والسخط والتوتر والنظرات العدوانية الظاهرة في الوجوه والنظر الشزر ؛ وتكاد تكون هذه الحالة ظاهرة شائعة في كل مرافق الحياة ، في الشارع والسوق وأماكن العمل وتكاد الابتسامات تختفي من العابرين والسابلة وكأن التجهّم والانقباض سمة شائعة وظاهرة في طلعات الناس أينما اتجهتْ وحيثما حللت . حتى نسينا وصية رسولنا الكريم " تبسّمك في وجه أخيك صدقة " ولم نعد نعيرها اهتماما وإتباعا .

ولأني مواطن عراقيّ بسيط وكثير العِشرة وانبساطي حتى مع القرباء والغرباء معاً ، كثيرا ما أتساءل : ترى لماذا لا يبتسم العراقيون مع ان الابتسامة تتيح للقلب الراحة وتخفّض من ضغط الدم وتقلل الإجهاد ويشعر باقي الجسم بالراحة كما انها تعطي إحساسا بالتعاطف مع الآخرين وخلق الثقة المتبادلة في المجتمع ؟؟ .

وهل أكثر من الابتسامة حافزا لدفع الانسان نحو العمل وزيادة الانتاجية والعطاء وتزيد من حالة التعاطف بين البشر من خلال زيادة إفراز مادة " الاندروفين " كما يطلق عليها الاطباء والتي تخلق مزاجا حلوا وشعورا بالسعادة والتآلف والمودة لكل من تلقاه وقد أثبتت الدراسات النفسية في سايكولوجيا علم النفس ان البسمة العفوية البارزة في طلعة الانسان تخفف كثيرا من الآلام وتعتبر مسكّنا طبيعيا لأية حالة وجع او ألم قد تمر بك وتزيد من مناعة الجسد لمواجهة حالات الاكتئاب والسوداوية وتُظهرك أقل من عمرك الحقيقي .

حقا نعجب نحن العرب عموما والعراقيين بشكلٍ أخصّ وهذا ما أهجسه بنفسي بسبب معايشتي الدائمة واختلاطي المستمر بينهم هنا وهناك .

لا أبرر حالات التجهم وانقباض طلعة إنساننا بما مرّ به شعبنا من ويلات وحروب وسلطات غاشمة وأذىً ؛ فقد مرّت ويلات اكثر قسوة وتدميرا على شعوب اخرى لكنها لم تفقد ابتسامتها وهي في احلك الظروف .

فاذا رأينا احدا دائم الابتسام فيتبادر الى أذهاننا شيء غير قليل من التساؤل لمعرفة سرّ هذه البسمة مع انها حالة طيبة تشرح الصدر وتبعث البهجة في النفوس .

وللطرافة أذكر ما يجري في بيوتاتنا ووسطنا الاجتماعي :
هنا في بلادي لو ابتسمت لأخيك سيقول لك : عجَباً ؛ ما الذي تريده مني ؟ !
ولو أقبلتَ على أمّك ضاحكا مبتسما ستقول لك : خيراً ما الذي عملت لنفسك حتى تنفرج أساريرك !!
ولو أقدمت على أبيك مبتسما سينهرك ويقول لك : اذهب ليس عندي مالاً أعطيه لك فاغرب عن وجهي .
اما لو تبسمتَ لغريب سيبادرك بالسؤال : هل تعرفني ؟؟ أتريد ان تصنع مثيلاً لي ؟

أخيرا وبعد ان تلقى الجفوة والصلافة من هؤلاء الأقرب المقربين لك ، ستلجأ وحدك ضاحكا مبتسما ؛ عندها ستسمع من السابلة من يقول انك سائر باتجاه طريق الجنون وستصل سريعا الى عنابر مستشفى الأمراض العقلية وتفتح لك العصفورية أبوابها على مصراعيها أو كما نسميها في العراق باسم " الشمّاعية " .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter