|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  27 / 8 / 2013                                            حامد كعيد الجبوري                                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إضاءة

 الفقير والتعيير والطموح

حامد كعيد الجبوري

بعد 9 / 4 / 2003 م دخلت القوات الأمريكية الى المحافظات العراقية وبدأت تتحرك بشكل طبيعي في الشوارع والساحات والطرق الريفية المعبدة وغير المعبدة ، ولاحظنا حينها كيف كان الجندي الأمريكي يوجه بندقيته صوب المارة أو السيارات التي تتبعه خوفا من حدوث أي عمل إرهابي أو عمل غير مرغوب فيه ، كنا نستقل سيارة ذات عشرة أشخاص تسمى ( كيه ) ، وكانت امرأة عجوز معنا في السيارة أشاحت بوجهها عن المدرعة الأمريكية ، قال لها أحدهم ( حجية ذوله الأمريكان اللي حررونه من صدام ، ليش متباوعين عليهم ؟ ) ، قالت له بلهجتها المحلية ( سواد وجهي إذا أباوع عليهم ) ، قال لها الشاب ممازحا لها ( خاله لازم تحبين صدام وتحبين البعثيين ) ؟ ، استهجنت كلامه وهزت يدها قائلة ( البعث وصدام أعدموا ولدي الكبير لأنه هرب من جبهات القتال ، وأرسلوا زوجي بقاطع جيش شعبي ولا أعرف مصيره لهذه اللحظة ) ، أعتذر لها الشاب وقال ( خاله أنشاء الله صدام ولّه وإنشاء الله تاخذين كل حقوقج ، حجيه هسا العراق ديمقراطيه ) ، ابتسمت باستغراب وقالت أنا أمية ولا أعرف ما هي الديمقراطية ؟ ، أجابها محاولا إيصال الفكرة لها بطريقة مبسطة وقال ( خاله بعد ما كو ريس يحكم طول العمر ) ، قالت وكيف أذن ؟ ، أجابها ( خاله كل أربع سنين يجينه ريس ويجينه برلمان جديد ومحافظ جديد ) ، ضحكت العجوز بقهقهة مسموعة وقالت ( يا بويه ما راح يبقه بالقاصه فلس ، كل أربع سنين يجينه جوعان ويبوك الخزينة ويعمر بيته ، لا الله ألا الله ) ، وهنا تذكرت حديث أحد اليساريين القدامى وهو يتحدث عن الوعي العراقي وقال ( أتعرفون حتى البغال في العراق تعرف السياسة ) ، ولا اعرف لماذا قفزت هذه الذكريات لي وأنا أدخل لسوق شعبي في الحلة الفيحاء ، وجدت الأسعار زهيدة ولكافة الفواكه والخضر ، وربما أزهد ما رأيت ( التمر ) بأنواعه وبأسعار يستطيع الفقير شرائه ، ناهيك عن بقية المنتجات الزراعية المحلية والمستوردة ، العامل البسيط ربما يزيد أجره اليومي عن (25) ألف دينار عراقي ، حوالي 20 دولار ، وعدت بذاكرتي لشريحة المعلمين الذين كانوا يتقاضون راتبا شهريا مقداره (3 ألآلاف دينار عراقي) وكان سعر الصرف للدولار 250 ألف دينار لكل 100 دولار أمريكي ، أي أن المعلم يتقاضى راتبا شهريا بحدود 3 دولار أمريكي ، واليوم المعلم وعامة موظفي الدولة تتجاوز رواتبهم الشهرية عن ال700 دولار أمريكي ، وهذا المبلغ يحقق لصاحبه معيشة تقترب نحو الجيدة ، وكبار موظفي الدولة يعيشون بحبوحة مالية ويستطيعون السفر سنويا للسياحة لبلدان العالم التي كانوا محرومون من السفر لها ، والشريحة المتضررة فعلا هي شريحة العسكريين المتقاعدين، وأنا والكثير من هذه الشريحة ، لأن النظام الحالي الجديد يعتقد أنهم من مخلفات نظام الطاغية صدام حسين ، أخلص من هذا أن تغيير النظام السابق بنظام جديد هو لصالح الطبقات المجتمعية العراقية الكثيرة ، ولكن هل هذا هو الطموح المنشود ؟ ، وحقيقة نقول ليس هذا هو الحلم العراقي المنتظر ، نحن نتطلع لحكومات لابد قادمة توفر للشعب العراقي أسباب العيش الإنساني المنشود ، وليس من خلال هذه الأسماء المجترة والمجترئة على قيم العراقيين وتاريخهم الأبيض ، العراقيون والعراق ينتظرون ويتطلعون ليوم يأتي بأبناء البلد الخلّص لينقذوا البلاد والعباد من سموم الفرقة والطائفية البغيضة ، والمصالح الفئوية الضيقة ، التغيير قادم ، أليس التغيير بقريب ،

للإضاءة .......... فقط .

  

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter