| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد كعيد الجبوري

 

 

 

الأثنين 19/4/ 2010

 

إضاءة

البطاقة الذكية والقرصنة الشرعية

حامد كعيد الجبوري

بديهي قولنا أن الدول المتحضرة تحترم نفسها وتحترم الإنسان وخياراته وتطلعاته وحرياته ، ويحدثنا أصدقائنا الكثر عن الممارسات الإنسانية التي تنتهجها هذه الدول لترفيه وخدمة مواطنيها ، وكنت أمني نفسي بجمهورية أفلاطونية حال تقويض النظام السابق وما عانى المواطن الأمرين منه ، سقط النظام ومرت سنة تتبعها أخرى وواقع البلاد من سئ لأسوأ ، فالطائفية التي كانت مغلفة أعيد تصنيعها بأيدي عراقية وليس أجنبية هذه المرة ، وما كنا ننتقده من فعل للنظام السابق مورس وبشكل أقبح وأوسع ، وأعيدت الصيغ العشائرية والمحسوبية والحزبية الضيقة لتطفو وتعلن بصورة أوضح وأدق من سابقتها آبان النظام الماضي ، وعادت السيارات المظللة التي كانت حكرا ضيقا لفئة محدودة جدا لتصبح أعم وأشمل مما رأيناه حقبة النظام المقبور ، وسمعت حديثا لأحد السياسيين يخجل من القول أن الناس بدأت تحن للنظام المقبور ، بل قالها أن الناس بدأت تحن للماضي القريب ، وهذا برائي شر البلية ، كل هذه المقدمة بسبب ما يسمى ب (البطاقة الذكية) ، كان المتقاعدون – وأنا منهم - يتقاضون رواتبهم كل شهرين من مصارف التقاعد القليلة إزاء الزخم الكبير للمتقاعدين ، ورضينا مرغمين على ذلك ، وكانت آلية التوزيع رغم عدم تحديثها ورغم التأخير الذي يمتد لساعات طوال تعتبر حينها شبه ناجحة ، يتقدم المتقاعد نحو الموظف المختص ويقدم هوية التقاعد مشفوعة بهوية أحوال مدنية مصورة ، إضافة لشهادة الجنسية العراقية وبطاقة للسكن والبطاقة التموينية وكلها مصورة ترمى لسلة المهملات حالما يستلم المتقاعد راتبه ، بدأت الشكاوى تصل لأذان أصحاب القرار من طرق شتى ومنهم الجمعية الإنسانية للمتقاعدين ، تصوروا جمعية إنسانية للمتقاعدين بدولة تحترم المتقاعدين ، إذن لا بد من إيجاد طريقة لتخليص هذه الشريحة المسنة والمتعبة وتقديم الخدمة لها بصورة إنسانية محترمة ، فما كان من هؤلاء أصحاب القرار إلا اعتماد صيغة ربحية متطورة لتخليص المساكين المتقاعدين من براثن الروتين القديم القاتل ، أحيل ذلك لشركة لربما يملكها هم أصحاب القرار إياهم أو لأبنائهم المحافظون على جنسياتهم السابقة فأوجدوا طريقة مثلى لتوزيع الرواتب على المتقاعدين ، أجلب جنسيتك وهوية تقاعدك وبطاقة سكنك وبطاقتك التموينية مع صورة حديثة وعشرة آلاف دينار لاستخراج بطاقتك الذكية ، نفذنا دون رغبتنا إذ لا حيلة لنا غير ذلك وما حيلة المضطر إلا ركوبها ، وانتظرنا ساعة الصفر لتوزيع رواتبنا واستلمناها بكل شفافية وفسيفساء عراقية كما يقول سادتنا الساسة الجدد ، مع ملاحظة استقطاع مبلغ 4000 دينار من كل متقاعد بواقع 2000 لكل شهر ، سألنا لماذا هذا الاستقطاع أجابنا الموظف المختص (من وره خشمه) (عمي هاي حصة أصحاب الشركة للبطاقة الذكية) ، فشكرا لحكومتنا الوطنية الوطنية هذه الالتفاتة الذكية لتمكين أناس بعينهم من القرصنة الشرعية ، وشكرا لهم أذ طبقوا مبدأ المساواة بهذا الاستقطاع فراتب المتقاعد الذي قد يصل ل 200 الف دينار شهري مع راتب عضو البرلمان المتقاعد الذي لا نعرف عدد ملايينه التقاعدية ، للإضاءة ..... فقط .
 

 

free web counter