|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  17  / 8 / 2019                                 ذياب مهدي آل غلاّم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لم أعرفه لكن استدليت عليه ؛ كاظم الحجاج ...

ذياب مهدي آل غلآم
(موقع الناس)


الشاعر الذي تميز بشكل واضح من بين مجايليه، وشق له دربا مختلفا، وضعه ضمن الشعراء الكبار السبعينيين، خاصة. الذين لن تجرؤ الذاكرة الشعرية على تجاهلهم، عن كاظم الحجاج اتكلم وخاصة في قصيدة الاخيرة المنشورة في ( طريق الشعب /10 /تموز/ 2019 / الاربعاء / السنة84 العدد 221 ثقافية)

وهو شاعر الرفض والحرية، شاعر هؤلاء البسطاء المأزومين والمهزومين. الذين يعبرون في الشوارع وهم متحذلقين لاعبوا على ثلاثة حبال!. فكانت الافتتاحية سايكولوجية، إيحائية ومهنة الشاعر هو تحليل الواقع الاجتماعي بصيغ شاعريه والحجاج في هذه القصيدة التي اضعها في الواقعية السحرية، لتترجم تلك المرحلة الممتدة في دواخل الشاعر الى الآن! متحدية آلة الدمار، من نار وبارود ومخابرات ومدرعات تدهس من يقولها، " القادسية باطلة " انها الحرب العبثية :

" قصيدة سرد.. كوميديا الجنود
.. ولأنّ أصحابي وحدهم ،
خاضوا حروباً كثيرةً خاسر..
ولأنني وحدي الذي
- بمصادفات الميلاد - لم أُدعَ
الى حربٍ زاهيةِ الخسارة..
ولأن لون الشاي أخفّ حزناً
من لون القهوة..!"

في هذه القصيدة الحجاج لم ينجر إلى الأحلام الطوباوية، لكنه كتبها بفنتازيا واقعية، بحرفة شاعر كبير محترف القصيدة ومحترف السوسيواجتماعيات موطنه وأهله واصحابه، فهو يفرزهم الآن :

" فأنا أعرف جنوداً من أصحابي ؛
قتلوا ، أو أُسروا ، أو فُقدوا. فقط
* جنديَّ الحجابات
* وجنديّ الحانوت المحظوظَ البخيت ،
* وجندي القصعة..
وأنا كتوم الى الآن. أعني:
.." في 21 / 3 / 2019

ويبتدء الحكاية الشعرية عن هؤلاء الثلاثة من صحبه وأتخذ يوم عيد النوروز، ربما للدلالة على ثلاثيه من يحتفل به، العرب، والكرد، والمسيحيين، واقصد شعبنا العراقي؟ الحجاج صاحب الوجه المالح بسمره خفيفة، والملامح الهادئة وعينين رغم وداعتهما لكنهن ثاقبة كعين الصقر. اللتين يملؤهما الدمع دون ضعف ويتعامل مع الكلمات بشاعرية منبعثة من ملكة الألم التي يعنيها ويعيشها

" لذا سأسمّي جنديّ القصعة هذا :
(عمر علي). وعمر علي اسم يتمشى آمناً
بين المذهبين..!
وللعلم فإنّ (عمر علي) القديم هو قائد
عسكري عراقيّ ملكي شجاع ، خاض
حرب فلسطين الخاسرة. الخاسرة منذ
!" 1947.. الى 2019

ما هذه الترويه في الاسم " عمر علي"، الواقعي في التمذهب الطائفي الذي خيم على الوطن وبين أسم يتماشي مع المتمذهبين! ويستدل على انه اسم في التاريخ وما ابعد من تأرخة حرب فلسطين، فعمر وعلي لهم العنوان الاسمى في الأمة العربية. انه مخاض تجاربه الكبيرة، واحتك بأناس مختلفين من عامة الشعب حاملا معهم الأم العراق وضياع غده الحالم في وطن حر تسوده العدالة والسلام، انه يتحدث متجرعا مرارة الاحتلال، والحروب العبثية، وما آل له العراق وصحبه الثلاثة وليعكس كل الم عاشه شعبنا، ونفسيته المرهقة،
ويلمح إلى التفاوت الطبقي الرث، بين شعب جائع وضائع، في صخب الفضوة، بالأمس واليوم، ومن اغدقت بسخاء سلطة النهب والسرقات، فاصبحوا ما بين ليلة وضحها،اغنياء؟ قلت انه شاعر سايكولوجي وسوسيو اجتماعي بحرفة شاعرية، حيث يشير:

" حكاية كوميدية باسمة عن جندي عراقيّ
مسيحيّ ، أوقع نفسه عمداً ، أو سهواً
في أسر الإيرانيين..
وفي معسكر الفرز الكبير ، يصيح فتىً
من جنود (البسيج) بلغة بين لغتين :
- مسلمين يبقى هنا. أديان أخرى، يروح هناك..
(خوشابا) ظلّ واقفاً مع المسلمين..
عسى الأمر أرحم..!"

يمكننا القول إن ما ميز كاظم الحجاج الشاعر قدرته الابداعية على المزج بين قوة القديم الماضوي وفاعلية الحديث ..المبتلى به؟،ثنائية القوة والفعل في القصيدة وما يقابلها من ثنائية القديم والجديد، المأساة والملهاة :

" ربما هي أم (عمر علي) ريفيةُ الجنوب تلك.
أو هي أم جنديّ الحجابات الشهيد.
أو هي أمّ جندي الحانوت ،
تلك التي دخلت معسكراً واسعاً ،
تسأل فيه عن مصير ابنها المفقود..
سألوها في أي فصيل هو ، فأخطأت :
- عفلق السابع..!"

اعلاه يحاكي ما يعلمه وليس ما يتنبئ به عن الكارثة التي سيقبل عليها العراق في ظل السقوط المستمر لركائز الهوية الوطنية واخلاقيات هذه الأمة بعد سقوط السقوط وإلى الآن ينحدر العراق في غيهب الهاوية وابتعد بصيص الضوء في نفق الأمل على مايبدو وليس يأسا. كان كاظم الحجاج يتمسك بنزعة الرفض الدائمة والمتسربلة في قصائدة الحديثة بوجدانية وليس تقريرية لكنها تؤرخ بصورها الواقعية المبهرة بنفطازيه رجل جنوبي الهوى يجيد "لغة الحسجة" وكما يقال عربيا " السهل الممتنع بلاغيا"

" بعد ساعات وقوف أخرى بطيئة ،
يظهر اربعة (توّابين). يقفون وراء
(السادة) الأربعة. في يدّ كل تواب
أنبوب مطاطي أسود غليظ..
يتذكر خوشابا الاسم الوطني للأنبوب:
. "( .. (صوندة !

هنا جمالية الكلمات المأساوية وما مر عليه صاحبه جندي القصعة لا انه شعب العراق بعنوانه حينما كانت الحرب الوطنية " القادسية الثانية" الكلمات الغير راضية بضياع حق المظلوم، اليوم وبالأمس! فهل الشعب سرقة انتفاضته، ثورته في التغيير الذي صنعه المحتل الامريكي وذيوله، وسفك دمه بعناوين طائفية وعنجهيات قرويه وشيوفينيه يتشارك بها الطرفان بالعنصريه، فآين حق الشعب العام، وما زالت الصوندة تلعب على ظهره وان لم تنفع فكاتم الصوت انجع بالأثر وينتهي الأمر بالمجهول، قصيدة الشاعر الحجاج هذه ترتفع عن مجرد صور ومشاهدات فورية يدونها بحرفنه شاعرية لا بل جعلني اتأمل كلماته الممتعة والمعرفيه حيث عايشت هكذا حرب عبثية واعرف حكايات وحكايات في خدمة العسكرية حيث كنت ( ج. م. ح. ق. خ) يذكرني بها الشاعر لكنه يطالبنا بالتغيير وخلق المصير!؟. ويفرض علينا مواجهة الظلم، وعدم تقليد النعامة وفعلتها في دس رأسها في الرمل، ويخبرنا الآن عن مصير صاحبه " الشعب العراقي، نعم خوشابا" .

" التوّاب ، الذي وقف خلف (خوشابا)
صاح بلهجة الفرات الأوسط :
- ناقص ! سيد صحيح النسب
وتحارب الجمهورية الإسلامية!"

اعتقد ان مفردات قصيدة الحجاج الفنيه السهلة والممتنعة بدالة قصدية واقعيه، لها تاثير يتماها ايدولوجيا مع هموم الفقراء والناس المعدمين وبقايا الحروب المتلاحقة بردافتها المستمرة في العراق، كاظم الحجاج في شعره ساحر، ونقرأ كيف كان مسك قصيدته وخاتمتها كمداورة مابين الابتداء والانتهاء، فهل سينتهي هذا البلاء!؟

" جندي القصعة (عمر علي) لم يكشف عن
اسمه الحقيقي حتى هذا اليوم 22 / 3 / 2019
فمنذ العام 2003. ظهر ملثمون
وحاسرون. لا أحد يعرف من أين هم !
ولون الشاي أخفّ حزناً ..
من لون القهوة !"...

ان شعر كاظم الحجاج الآن له اثر سيبقى اثر في اجيال بعيدة على ما اعتقده شخصيا، كاظم الحجاج تحدى بكل عنفوانه وحسب الزمكان الظلم بصرامة، فهل صحيح ان قلت نحن بحاجة لقصائد شعريه تتماشى على نهجه فنكون صارمين تجاه ما يكتب الآن .






 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter