| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 6 / 11 / 2024 باسم محمد حسين كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
المدن السكنية الجديدة
باسم محمد حسين *
(موقع الناس)السكن حق دستوري وإنساني قبل ذلك، حيث وضحت المادة 30 أولاً وما قبلها من مواد الدستور العراقي هذا الحق، ولكنها لم تحتوي على عبارة (وينظم ذلك بقانون) لذا بقي الأمر متروكاً.
لو نفترض جدلاً أن موظفاً في احدى وزارات الدولة العراقية يوفر من راتبه مليون دينار شهرياً ففي نهاية خدمته بعد 40 عاماً تقريباً سيكون لديه مبلغ 480 مليون دينار. وهذا المبلغ الذي تم جمعه بشق الأنفس لا يؤهله لشراء دار مناسب متوسط المواصفات من الدور المتوفرة هذه الأيام. إذن متى يسكن هذا الموظف في دار أو شقة يمتلكها هو لا غيره؟
هناك من يقول بأن الدولة تعالج هذا الأمر بتوزيع قطع الأراضي على بعض فئات الشعب وآخر يقول هناك توزيع أراضي على المستثمرين لإقامة مدن سكنية. هذا صحيح ولكن ما هي أسعار هذه الوحدات في تلك المدن السكنية الجديدة والمتكاملة؟ واذا أراد المواطن الذي يمتلك أرضاً أن يبنيها ، فكم هي أسعار مواد البناء وبقية المستلزمات الأخرى؟ الموظفون وذوي الدخل المحدود عاجزون عن استملاك دوراً خاصة بهم. باستثناء من يرث ذلك من غيره. وهنا الأمثلة متعددة فبعض العوائل التي تمتلك داراً مشتركة في مركز المدينة مثلاً، تبيع تلك الدار بسعر تجاري وتشتري بثمنه عدة دور تكفي تلك العائلات المنشطرة.
في الأسابيع الأولى بعيد تغيير النظام عام 2003 عندما كنا نُصدِّق ما يقوله قادتنا الجدد، خرج علينا د. موفق الربيعي بمقترح تحويل معسكر الرشيد الى مدينة سكنية كبيرة لحل مشكلة السكن المتفاقمة (وهي فكرة راودتني كثيراً)، وفرحنا بهذا المقترح وأيدناه وكتبت عن الموضوع واضعاً أسباب نجاحه المتعددة ومنها قربه من النهر وكذلك وجود محطة توليد كهرباء، وليس بعيدا عن هذه المنطقة محطة مجاري الرستمية العملاقة، ناهيك عن قربه لمركز بغداد. ومضى أكثر من 21 عاماً ولم وربما لن يتحقق هذا الأمر.
بعض الوزارات في الماضي كانت تبني دوراً لمنتسبيها تكون قريبة من أماكن العمل، فوزارة الصناعة والمعادن تبنت هذا الأمر لعقود خلت، ولكن توقفت الصناعة بكاملها وليس الإسكان فقط، ووزارات عديدة أخرى نحت ذات المنحى وتوقفت أيضاً. ترى لماذا؟!
العراقيون يتكاثرون بسرعة جنونية حيث يزدادون سنوياً بأكثر من مليون نسمة ولا حركة للدولة لتوفير احتياجاتهم من السكن والنقل والصحة والتعليم وكل ما يلزم الانسان. ترى لماذا أيضاً؟!
لابد للدولة ممثلة بوزارة الاعمار والإسكان وشركاتها الكثيرة النائمة وبقية مؤسسات الدولة أن تتدخل في الأمر وتضع على عاتقها توفير وحدات سكنية باستخدام البناء العمودي لتقليل الكلفة، أو منح أراضي لشركات استثمارية رصينة ومتخصصة تكون أرباحها معقولة كي يستطيع أي مواطن الحصول على السكن اللائق به كانسان من بلد فيه الخير الوفير وضمن ما يستطيع دفعه من أقساط اسوة ببلدان العالم الأخرى الفقيرة والغنية.
* كاتب واعلامي عراقي مقيم في البصرة.
عضو الحزب الشيوعي العراقي.
نائب رئيس الفرع العراقي للاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء الصين.
رئيس فرع البصرة للنقابة الوطنية للصحفيين العراقيين.