|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  31  / 7 / 2019                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

اين الحقيقة في عملية الهروب عبر نفق سجن الحلة المركزي .. ؟

عبد القادر احمد العيداني  *
alidanykhader@yahoo.co.uk

قام السجناء السياسيون من الشيوعيين في السادس من تشرين الثاني عام 1967 بعمل ملحمي بطولي سطر بحروف من ذهب في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي , هذا العمل ارعب الحكام الطغاة , الذين مهما حاولوا سلب الحرية وخنق الانفاس والقاء المناضلين في غياهب السجون لأذلالهم والقضاء على الاهداف النبيلة التي نذروا انفسهم لها الا ان الحكام الفاسدين عادوا خائبين يلحقهم العار والشنار , بعد ان وجه سجناء الحلة لطمة على رؤوس العفنين واشباه الرجال من جلاوزة الحكم العارفي صنيعة الرجعيين و الاستعماريين .


نفق سجن الحلة

وعندما بادر المقبور طاهر يحيى الذي كان رئيساً للوزراء في تلك الفترة بالذهاب فوراً الى موقع النفق في سجن الحلة ذهل من دقة التخطيط والتنفيذ لهذا العمل البطولي الخالد في تاريخ العراق الحديث فدخل وخرج من النفق الى الكراج مستغربا من دقة العمل ,

بعد مضي قرابة اكثر من خمسة عقود على هذه الملحمة البطولية في هروب حوالي 40 سجيناً عبر النفق وكان من المؤمل ان يكون من سيتنفسون الحرية اكثر من ذلك ، ربما مئات السجناء الا ان بعض الاخطاء التكتيكية والعجلة وضعف العلاقة بين السجناء من خلال انشقاق عزيز الحاج حيث اصبح السجناء فريقين غير متفاهمين ادت هذه العوامل السلبية بأكتشاف خطة الهروب وضعف التنفيذ من خلال السجناء الهاربين .


حسين سلطان صبي


عقيل حبش


جاسم المطير


حميد غني جعفر


مظفر النواب

كتب عن هذه الملحمة البطولية كل من السجناء الراحل حسين سلطان عضو اللجنة المركزية السابق وعقيل حبش وجاسم المطير وحميد غني جعفر (جدو) وكذلك على ضوئها ادلى الباحث محمد علي محي الدين بدلوه بالاضافة الى السجين علي عرمش شوكت وآخرين وكتب عنها الاستاذ حسين الهنداوي في الفترة الاخيرة من خلال كتابته سلسلة من المقالات في جريدة المدى لاستعراض حياة الشاعر مظفر النواب وقامت فضائية الحرية قبل عدة سنوات بأنتاج فلم وثائقي عن هذه العملية , كثر الحديث واللغط عنها من خلال الاشخاص المنفذين وكل منهم يدعي البطولة له حتى وصلت مرحلة الزيف هنا وهناك ومن اجل القاء الضوء الساطع على عملية الهروب من نفق سجن الحلة عام 1967 نستعرض ما كتب عنه بعض المخططين والمنفذين لهذا العمل البطولي وغايتنا اجلاء الحقيقة والتوصل الى الحقائق الساطعة لهذه العملية لأنها دخلت في ذمة التاريخ ....

في ذكرياته عن هذه العملية اورد السياسي العصامي الراحل حسين سلطان قصة النفق والهروب من سجن الحلة المركزي عام 1967 م وفي طبعته الاولى عام 2007 من اصدار دار الخالدي للطباعة والنشر والتي اصدرها نجله السيد خالد حسين .

يقول الراحل وقعت عدة محاولات للهروب من السجون السياسية في العراق واتخذت اشكالاً متنوعة من حيث الطرق والاساليب مثل كسر الشباك والهروب من خلاله او ثقب في جدار من جدران السجون او استغفال السجناء والافلات منهم من خلال مراجعة المستشفيات او استخدام المكياج في التمويه والخروج مع عوائل السجناء خلال فترة المواجهات , اما عن اول هروب جماعي من خلال الانفاق تم في سجن الكوت عام 1951 وتلاه سجن بعقوبة في الخمسينيات ايضاً وعقبته عملية الهروب من معتقل الفضيلية في الستينات ومحاولة الهروب من سجن الكاظمية عام 1963 التي لم يكتب لها النجاح ومحاولة لم تكتمل من سجن نقرة السلمان لحفر نفق واخيراً في سجن الحلة المركزي ,

شرح حسين سلطان الظروف البالغة السرية من الدقة وضبط الاعصاب والصبر وطول النفس في العمل والاختيار الدقيق للعاملين في النفق بالاضافة الى التظليل على حرس السجن والكتمان امام السجناء لعدم اكتشاف العمل اما موضوع نفق سجن الحلة في عام 1967 والهروب منه فلو لم يقع الانشقاق داخل الحزب في تلك الفترة لكان بالامكان تحرير اكثر من مائة سجين خلال الليل وحتى الصباح دون ان تشعر ادارة السجن بذلك , ويقول حسين سلطان في اواسط نيسان 1967 تم نقلي من سجن نقرة السلمان الى سجن الحلة على ضوء تقارير طبية اكدت على موتي من خلال بقائي في سجن نقرة السلمان , ويستطرد بالقول قبل مغادرته سجن نقرة السلمان بأيام ومن خلال الاحاديث عن عمليات الهروب اعلمني احد السجناء الذي جاء منقولاً من سجن الحلة الى سجن نقرة السلمان بالقول (اننا سعينا في سجن الحلة قبل نقلنا الى حفر نفق من غرفة الصيدلية بعمق ما يقارب المتر الا اننا اضطررنا الى غلقه صبة من السمنت) وقال لي سوف تلاحظ ذلك اذا وصلت الى سجن الحلة.

وعند وصولي الى سجن الحلة طلب مني اعضاء لجنة تنظيم السجن ان اخفي وجهي عن السجانين اثناء التعداد ولا أذهب الى الادارة السجنية ولا اقترب من السجانة وكل ذلك على الا يتعرفوا على ملامح وجهي وذلك لوجود امكانية هروب رفيق واحد مع المواجهين وعملت بهذه الوصية.

وخلال تلك الفترة الزمنية وصل السجين حافظ رسن منقولاً من السلمان حيث لي معرفة سابقة به عندما كان خارج العراق فتم تشكيل منظمة السجن من جديد من سبعة سجناء كنا انا وحافظ رسن من اعضاءها ومن خلال الحوار بيني وبين حافظ رسن تم اختياره للعمل الحثيث لأنجاز عملية الهروب التي بدأت في اواسط آيار 1967 بالإمكانيات المتوفرة وتدارسنا كل جوانبه نظرياً وعملياً وكل التفاصيل من حيث تحديد المكان وضبط المقاييس وتشخيص العاملين والادوات التي تستخدم وسرية العمل وكيفية التخلص من التراب المستخرج من النفق وتم اختيار الرفاق حميد غني جعفر(جدو) والملازم فاضل عباس وعقيل حبش حيث كان هؤلاء الثلاثة ابطال حقيقينن في الجهاد ونكران الذات كانوا يعملون ليل نهار ويتقدون حماساً من اجل انجاز المهمة المكلفين بها .

مرت علينا في تلك الفترة انتكاسة حزيران 1967 للجيوش العربية امام اسرائيل فتواردت لدينا افكار بالاستيلاء على ادارة السجن وتحرير السجناء من خلال حجز السجانين عند دخولهم في التعداد المسائي الى ساحة السجن , الا ان هذه الفكرة لم يجانبها النجاح لعدة عوامل .

وكان العمل مستمر في حفر النفق حيث يأتيني صباح كل يوم حافظ رسن يزودني بآخر المستجدات والمصاعب التي تواجههم وكيفية حلها , اما العناصر الذين يحملون فكرة عزيز الحاج ولديهم بعض الملاحظات على سياسة الحزب كان اكثرهم حماساً (مظفر النواب , الفريد سمعان , وعناصر آخرى) اما من الناحية الفكرية واخراجها بعد التحليل فكان جاسم المطير الاساس لها الا انه لا يستطيع ان يكون وجهاً لهم لأسباب معروفة من خلال موقفه امام هيئات التحقيق وكذلك لاحظت حافظ رسن في وضع غير طبيعي حيث التنظيم الحزبي اصبح منظمتين احداها مع الحزب والاخرى مع القيادة المركزية الا انهما يبدون موحدين امام ادارة السجن ومن سوء الصدف عند حدوث الانشقاق انحاز الى المنشقين اثنان من اصل ثلاثة رفاق يعملون في حفر النفق وهم حافظ رسن وفاضل عباس وبقى مع الحزب حميد غني جعفر .

في يوم السادس من تشرين الثاني عام 1967 اعلمني حافظ رسن انه في عصر هذا اليوم عندهم اجتماع في القاعة الشمالية قلت له ان هذا امر يخصكم وكانت مهمة تصميم الهويات المزورة من اختصاص مظفر النواب جاءني واعلمني بعد ذلك عن اختيار اصحاب الصور التي زودناه بها لأسماء من عندهم حتى لا ينسوها.

في الساعة السادسة من ذلك اليوم لاحظت بعض العناصر المنشقة تأتي من القلعة القديمة الى القاعة وكل منهم يحمل كيساً من القماش او النايلون فناديت على احد الرفاق وقلت له اذهب الى تلك القاعة وانظر من فيها فذهب وبقيت اتابعه بنظري وعند الباب منعه احد السجناء من المكلفين بالحراسة من الدخول فناديت عليه ان يدخل عنوة وعاد مسرعاً قائلاً لا يوجد احد في القاعة انهم غدروا بنا من خلال السماح للهروب لجماعتهم وقبل كسر الباب الذي يؤدي الى النفق قلت لجدو اطرق الباب عليهم فسأل حسين ياسين من الطارق فقال له انا جدو ويكلمك ابو علي (حسين سلطان) افتح الباب والا كسرت القفل وكانت خطتي ان يكون بداية الهروب عشرة سجناء خمسة منا وخمسة منكم وعند ذلك يخرج من يريد الهروب قال حسين ياسين موافقون فكان جماعة الحزب هم الشهيد عبد الامير سعيد ولطيف الحمامي وحميد غني جعفر وحسين سلطان وخامس لا يتذكره اما من الجماعة المنشقة فهم حسين ياسين وحافظ رسن وملازم فاضل عباس ومظفر النواب وجاسم المطير الا انه حدث هرج في ساحة السجن وحاول الكثير من السجناء الدخول الى النفق فأختل النظام ولم يبقى اي ضبط وذلك من خلال دخول خمسين سجيناً مرة واحدة الى فوهة النفق التي اصبحت مكتظة بالسجناء .

و عند الخروج من النفق لاحظت ان الحفر كان في مكان مناسب وكان طول النفق 14 متر والارتفاع بين متر ومتر وربع وعرضه متر حيث تم الخروج من خلال الكراج الملاصق للسجن مما اصاب حارس الكراج بالذهول من خروج هذه الاعداد الكبيرة من تحت الارض فاسرع الى شرطي المرور المقابل للكراج وبادر الشرطي الى رفع السماعة والاتصال بأدارة السجن .

فتم هروب 40 سجيناً من خلال النفق والقي القبض على 14 منهم داخل مدينة الحلة والبقية تخلصوا من ارهاب الحكام الطغاة ووصلوا سالمين الى الاماكن التي ذهبوا اليها فذهب الراحل حسين سلطان الى النجف واستقر هناك في بيوت حزبية وعين مسؤول لجنة الفرات الاوسط للحزب الشيوعي ومن ثم انتقل الى بغداد.
.....
اما الحكاية الثانية لعملية شق نفق سجن الحلة تناولها السجين عقيل حبش الجنابي في كتابه الصادر عن دار الملاك للفنون و الادب والنشر تحت عنوان الطريق الى الحرية يقول بعد ان تم الحكم عليّ عشر سنوات ونصف من قبل المجلس العرفي العسكري اودعت في سجن الرمادي ونقلت بعد ذلك الى سجن العمارة ومنه الى سجن الحلة المركزي حيث وجدت ان النية في نقطة الشروع للهروب من خلال حفر نفق من المطبخ وبسبب المصاعب وبعد المطبخ عن السياج تم استبدال خطة حسب ما ذكره حسين ياسين وذلك بسبب وجود نقطة حراسة تشرف على المطبخ يقول عقيل انه اتفق مع حسين ياسين وفاضل عباس على ان يكون النفق من خلال الصيدلية بعد ان يتم نقلها الى مكان آخر وتشكلت لجنة التخطيط بالاضافة الى مسؤول التنظيم نصيف الحجاج وكل من حافظ رسن وحسين ياسين ومظفر النواب اما لجنة التنفيذ فتشكلت من عقيل حبش وفاضل عباس وكمال كمالة وحميد غني جعفر وهؤلاء السجناء هم وحدهم يعلمون بأمر النفق من بين (500سجين) حيث تم العمل بتكتم شديد وصنع صندوق خشبي كبير لغرض وضع الاتربة به وكذلك في جسد ثلاجة قديمة وادعا عقيل انه صب باب النفق بمساعدة بعض الاسلاك المعدنية (قبق النفق) وتركه ثلاثة اسابيع ليكتمل جفاف السمنت وصادف يوم العمل هو 14تموز 1967 عندها يقول التقينا فاضل عباس وانا ومظفر وبدأنا بالحفر ونقل الاتربة في جسد الثلاجة القديمة مما حدا في تلك الفترة بحسين ياسين تبليغ كمال كمالة وجدو بالاستغناء عنهم في الحفر وتطرق عقيل حبش عن دوره في تبطين النفق بالبطانيات القديمة من خلال استعمال مسامير واغلفة (قبقات المياه الغازية) وتم انارة النفق بالتيار الكهربائي , يقول عقيل بعد ان ارهقني العمل في حفر النفق ذهبت الى القلعة الرابعة لغرض قضاء فترة من الاستراحة واذا بأحد السجناء يوقظني ويقول بعصبية يريدك مظفر نهضت متعباً وذهبت الى القاعة المجاورة الى النفق فشاهدت السجناء بلا ضوابط يدخلون الى النفق فقلت اين حافظ ومظفر وفاضل وحسين ياسين قالوا كلهم خرجوا فتزاحمت مع السجناء داخل النفق وخرجت مع اخي رياض حبش من خلال النفق .
....
اما الحكاية الثالثة لقصة هروب السجناء السياسيين في سجن الحلة عام 1967 للسجين جاسم المطير تحت عنوان الهروب من نفق مضيء من اصدار دار الرواد المزدهرة للطباعة والنشر .

تحت عنوان معضلة الذاكرة وقصة الهروب من سجن الحلة قدمها الدكتور كاظم حبيب مما جاء فيها .. اعرف الكثير من الشخصيات التي كتب عنها جاسم المطير التقيت بهم او عملت مع بعضهم في فترات مختلفة او سمعت عن البعض الاخر , ولهذا فقد نبش هذا الكتاب في داخلي الكثير من الذكريات التي تراكم عليها الغبار الا انها بقيت حية وشاخصة مرت امام عيني على شكل شريط سينمائي بالصوت والصورة.

يقول جاسم المطير ان الذين ساهموا بالتخطيط والتنفيذ لا يمتلكون الحقيقة كلها عن عملية النفق فما يعرفه حسين سلطان عن الهروب هو جزء من الحقيقة وليس كلها , وما يعرفه مظفر النواب هو ايضاً جزء آخر وكذا القول عن ما يعرفه فاضل عباس او حسين ياسين او جاسم المطير او نصيف الحجاج او عقيل الجنابي او حميد غني او كمال كمالة او حافظ رسن وهذا يعني انه لم يكن اي شخص من السجناء يملك لوحده كل مفاتيح العملية او مغاليقها.

بخصوص اختيار موقع النفق في الصيدلية او في المطبخ يقول ان حافظ رسن كان ميالاً الى الصيدلية التي لم ادخلها قبل ذلك ولا حتى قبل الهروب المرة الوحيدة التي دخلت فيها الى الصيدلية هي ساعة الهروب فقط , تم اختيار كوكبة من اربعة سجناء تنطبق عليهم المواصفات من قبل مظفر النواب وهم الملازم فاضل عباس , عقيل حبش , حسين ياسين , كمال كمالة , حيث تم اختيارهم لتنفيذ خطة العمل وحفر النفق وتم بناءً على اقتراح حسين سلطان اضافة حميد غني .

كان واجبنا العمل بيقظة وحذر وخلال جدلنا نحن مظفر النواب ونصيف الحجاج وحافظ رسن وجاسم المطير وكذلك ضرورة معرفة المسافة بين الصيدلية والكراج والتفكير عن عملية مقبولة لتصريف كميات التراب الناشئة من عملية الحفر حيث ابتدع فريق التنفيذ وسيلة جديدة من وسائل تصريف التراب بعلب فارغة من مسحوق (التايد) والقاءها في تواليتات السجن ويقول جاسم المطير كنت ومظفر نذهب للمرافق الصحية خلال الليل وفي بعض الاحيان كان حافظ رسن ينقل التراب في هذه العلب وكان يشاركنا نصيف الحجاج طول الليل ,وهذا يناقض كلامه انه لم يدخل الصيدلية قط الا يوم الهروب .

خلال المواجهة الشهرية في الاول من تشرين الثاني 1967 كنت منشغلاً مع سميرة محمود (زوجته) لأبلاغ بغداد ان ساعة الصفر ستكون في اليوم الخامس من تشرين الثاني وفي تمام الساعة السادسة مساءً ولم يفصح المطير عن قوله عن بغداد هل هي اللجنة المركزية او القيادة المركزية للحزب .

ان اللمسات الاخيرة للنفق انتهت كلياً فريق التنفيذ انجز كل ما عليه بأسهام فاضل عباس , كمال كمالة , حسين ياسين , عقيل حبش , ولا ننسى الشاب حميد غني جعفر كان قد أسهم مندفعاً في حفر النفق في اول ايام الغبطة المشتركة في حفر النفق في بدايته .

ويوم التنفيذ استلمت كافة الاستعدادات وحال دخولنا الى الصيدلية جرى طرق حاد على باب الصيدلية والقول اخرجوا والا ستكسر الباب على رؤوسكم رد عليهم مظفر وحسين ياسين توقفوا عن الطرق نحن قادمون اليكم ووجدنا تجمع كبير في باب الصيدلية وكان حسين سلطان وجميل منير وحميد غني في مقدمة المتجمهرين وهم في غاية التوتر والعصبية حيث غالبية السجناء المتجمعين ادركوا في الحال ان خلافاً شديداً حصل بين جماعة اللجنة المركزية والقيادة المركزية وتبادل الطرفين الكلام حول النفق وما ان حاولت معاتبة جميل منير حتى ضربني (راشدي) بكل قوة ومنعت من الاخرين بالرد عليه وهنا بادر حافظ رسن بالاتفاق مع حسين سلطان وجميل منير ان يكون عدد الهاربين من اللجنة المركزية بنفس عدد المقرر هروبه من جماعة القيادة المركزية اي 12 سجيناً من كل طرف بالتناوب كان اول النازلين الى النفق حسين سلطان واربع من جماعته تلاه خمسة من المحسوبين على القيادة المركزية وهم حسين ياسين وفاضل عباس وكمال كمالة وجاسم المطير ومظفر النواب .
..........
عن بيت الكتاب السومري اصدر حميد غني جعفر (جدو) كتاب بعنوان الحقائق الناصعة في عملية حفر النفق والهروب من سجن الحلة المركزي عام 1967 وذلك في هذا العام ..

استهل الكتاب بتقديم للباحث محمد علي محي الدين الذي اكد على الامانة والمصداقية في كتابة التاريخ وان يضع الحقائق امام عينيه في ما يكتب او يقول .

ان عملية الهروب من سجن الحلة لم تؤرخ في حينها وتتعلق بالظروف التي تلت الحدث حيث اصدر عقيل حبش عن دوره في العملية وتصدى الاستاذ جاسم المطير للرد على ما كتبته عن عملية الهروب ناسباً لنفسه مضخماً مع اشارة باهتة لأدوار العاملين الحقيقيين في انجاز عملية الهروب ان حميد غني اورد الحقائق الناصعة في هذه العملية حيث اعطى لكل مشارك حقه من خلال التخطيط والتنفيذ .

ان عملية حفر النفق والهروب من سجن الحلة كثرت حوله الاقاويل والادعاءات وكل يدعي البطولة لنفسه علماً ان فكرة حفر النفق تبلورت لدى المنظمة الحزبية بقيادة نصيف الحجاج في منتصف شهر نيسان 1967 وعندما وصل سجن الحلة الراحل حسين سلطان منقولاً من سجن نقرة السلمان كانت لديه معلومات عن حفر النفق من خلال الصيدلية فتم تشكيل لجنة التخطيط متكونة من مظفر النواب وحافظ رسن وحسين ياسين اما المنفذين لعملية الحفر اربعة رفاق كنت احدهم مع فاضل عباس , عقيل حبش وكمال كمالة فبدأنا العمل بشكل يومي على مدى ساعتين الى ان اكملنا النفق وعن الليلة الحاسمة يتحدث بأسهاب عن الاساليب الغير الشرعية لمنظمة القيادة المركزية حيث عملوا خدعة لغرض الهروب تحت حجة ان لديهم اجتماع في القاعة المجاورة للصيدلية وذلك في اليوم السادس من تشرين الثاني 1967 فأبلغ حافظ رسن ذلك الى الراحل حسين سلطان فاجابه ابو علي انه امر يخصكم وبعد ان كشفت نيتهم للهروب اشار الرفيق حسين سلطان بحمل (شيش) من الحديد كان مرمي على الارض لغرض كسر الاقفال وناديت من خلف الباب على حسين ياسين وقلت له هل هذه هي الامانة الحزبية التي تربيت عليها وهي الغدر برفاقك بعدها تم الاتفاق على ان يخرج واحد من جانب الى آخر من الجانب الثاني وبعد حوار تم الاتفاق على خمسة من كل طرف فكان الاول حسين سلطان تبعه مظفر النواب وبعده كاتب السطور (حميد غني جعفر) ومن ثم صار الهرج والمرج بين السجناء الا ان علمت ادارة السجن اخيراً من حارس السجن الى عملية الهروب ..
.....
وكتب الباحث محمد علي الدين في اضواء على عملية الهروب من سجن الحلة بين فيها الصدى الواسع لجرس تنامي النهوض الشيوعي وقوته وقدرته على العمل في اصعب الظروف والاحوال حيث كان لها التعجيل في انهاء الحكم العارفي .

يقول الباحث ان عقيل حبش تناول في روايته عن عملية الهروب فأعطى لنفسه فيها حيزاً كبيراً غمط فيه ادوار الاخرين واعطى لنفسه الدور الاكبر في التخطيط والتنفيذ وكذلك كتب جاسم المطير تحت عنوان معضلة الذاكرة ركز على دوره نافياً دور الراحل حسين السلطان والاخرين في هذ الملحمة البطولية حيث قام الاستاذ جاسم المطير بنشر مقالاته في كتاب اطلق عليه (الهروب من نفق مضيء) وصف فيه اللجنة المركزية والقيادات الشيوعية بأبشع الاوصاف متهماً اياها باليمينية والذيلية والارتدادية وما الى ذلك من مصطلحات في قاموس الانتقاص والسب وحفاظاً للأمانة التاريخية انشر ما كتب وما قيل عن عملية الهروب لتكن رداً على الاكاذيب و الاشاعات التي اطلقها المطير .

وقد اثارت كتاباتي في حينها ذاكرة الاستاذ المطير فخرج علينا ببياناته وصواريخه وذكرياته الحبيسة عن الواقعة وخلفياتها مبيناً وجهة نظره علماً ان المطير كان في تلك الفترة بعيداً عن التنظيم بسبب انهياره واعترافه وكشفه لخيوط التنظيم ومفاصله عندما كان مسؤولاً في المنطقة الجنوبية للحزب .

ورد السجين حميد غني جعفر على بعض ادعاءات المطير بما يلي :
1- اني صادق قولاً وفعلاً
2- لست من الباحثين والمتهافتين على تبوء المكانة الحقيقية التي نعتز ونتفاخر بها
3- يتهمني جاسم المطير بالامية اما ادعاءه بأن كتاباتي على طريقة الافلام الهندية فهي مواصفات يمتلكها غيري من المتحذلقين بالكلام
4- اما عطل ذاكرتي فأني والحمد لله في صحة موفورة وذاكرتي لا تزال تحتفظ بأدق الذكريات ولا زالت نشطة ولم يخالطها الاعياء
5- هل قرأ الزميل المطير لقاء كمال كمالة في جريدة ريكاي كوردستان حي ذكر فيه اسماء المساهمين في النفق دون ان يذكر لا المطير ولا غيره , في اي دور الذي يصر عليه المطير ومن هم على شاكلته مما لا زال الحقد يدمي قلوبهم ويعمي عيونهم عن رؤية الحقائق
6- صدرت مذكرات عقيل حبش عام 2004 تحت عنوان الطريق الى الحرية ولم يذكر اي دور في التخطيط والتنفيذ لجاسم المطير
7- وكذلك مذكرات الراحل حسين سلطان لم تذكر اسم المطير لا من قريب ولا من بعيد
8- كتب الكثيرون عن عملية النفق ولم يذكر احدهم اي دور للمطير في التخطيط والتنفيذ و المتابعة

فرد السيد جاسم المطير في مقالة له تحت عنوان (بيان رقم 999) من المجلس المسماري الاعلى قائلاً ان الهجوم الغير متمدن الذي شنه علي حميد غني جعفر انني لا علاقة لي مطلقاً بهروب السجناء من سجن الحلة المركزي عام 1967 لا بالاعداد ولا بالمساهمة اقول بصفاء نية وبإخلاص تام ان قضية الهروب ما زالت تعاني من معضلة الذاكرة مما يحتم على جميع الهاربين ان يتعاونوا تعاوناً اخوياً للوصول الى خلاصة مشتركة دقيقة لعملية الهروب غير ان ما كتبه حميد غني جعفر برهن بشكل قاطع انه يعاني من عطب شديد في الذاكرة وان هذا العطب اوجد عند هذا الرجل (منهج الهندية) في عرض الامور ,

واختتم المطير بالقول اسأل الله جلت قدرته ان يهدي حميد غني جعفر على تنشيط ذاكرته وان يهديني الى طريق العفو عند المقدرة كي لا اضطر بأصدار البيان المسماري رقم (1001) وصواريخ العابد بصدد مقالته المذكورة .

ازاء هذه المساجلة قال الباحث محمد علي محي الدين تحت مقال (البيانات الصاروخية والحقائق المخفية في المسامير المطيرية) اطلب من الاخ جاسم ان لا ينفعل ويرسل علينا راجماته وصواريخه العابرة للقارات فيدك رؤوس ويزهق النفوس ويشحذ مساميره التي اصبحت هذه الايام كالسهام الماحقة تدمي وتصيب حيث الباطل حقاً والحق باطل في منظور المطير .

من خلال هذه المساجلات المتبادلة بين عدة اطراف ضاعت الحقيقة كالإبرة في بحر هائج اتمنى ان يتعظ الجميع للعمل على رسو القارب الى الساحل من خلال الحقيقة الساطعة التي لا تقبل اي زيف او ادعاء او تضخيم الاحداث والرقص على الحبال لغرض التظليل على هذا الانجاز الشيوعي والشيوعي ابداً الذي يسطع كنور الشمس لأنها دخلت التاريخ من اوسع ابوابه وعليه اتمنى من الرفاق الشيوعيين الذين عاشوا في تلك الفترة من عام 1967 في سجن الحلة ان يبدوا آرائهم حول هذه المهاترات لنصل الى الصواب واليقين.



 

* باحث في شؤون سجن نقرة السلمان
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter