| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأثنين 4 / 11 / 2024 علي المسعود كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
التحديات والمآسي ولحظات الصمود
في قصص غير محكية من غزة في فيلم "المسافة صفر"
علي المسعود (*)
(موقع الناس)أسس المخرج الفلسطيني (رشيد مشهراوي) صندوق المشهراوي للأفلام وصانعي الأفلام في غزة مشروع "جراوند زيرو"، سعى في مشروعه الأول إلى منح مجموعة الفنانين النازحين داخليا – الناجين من الهجوم الإسرائيلي الذي استمر لمدة عام تقريبا، والذي أدى إلى ظروف إنسانية مروعة، ودمار، وقتل جماعي، وتجويع، ومرض، وصدمة لا يمكن إصلاحها لسكان غزة بفرصة عرض "لوحة للتعبير عن القصص الشخصية". قدمت المجموعة 22 فيلما قصيرا تتراوح مدته بين ثلاث وست دقائق . وتقدم منظورا فريدا للواقع الحالي في القطاع الذي بدأت إسرائيل قصفه بعد وقت قصير من الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي . وقد سويت غزة بالأرض إلى حد كبير منذ ذلك الحين، ووفقا للسلطات هناك، توفي أكثر من 40,000 فلسطيني مع نزوح ما يقرب من 2 مليون شخص. على الرغم من ظروف التصوير القاسية، يتألق المشهد الفني النابض بالحياة في غزة ويقدم الفيلم صورا حميمة وقوية للحياة اليومية. باستخدام مزيج من الأنواع بما في الوثائقي والرسوم المتحركة والسينما التجريبية ، تلتقط الأعمال الظروف المأساوية في القطاع الفلسطيني بما في ذلك التحديات والمآسي ولحظات الصمود .
قدم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي هذا الفيلم الوثائقي "من الأرض صفر " في مهرجان تاورمينا السينمائي. تحدث المخرج عن فيلمه: "ولدت وترعرعت في غزة، وصنعت العديد من الأفلام في غزة كمخرج ومنتج، وهذه المرة بعد أن رأيت كل ما يجري، قلت: لا، لن أصنع فيلما وبدلا من ذلك، سأعطي الفرصة للمخرجين الفلسطينيين الموجودين في غزة الآن، مشاركة ما يجري مع الناس"، هذه المبادرة التي أطلقها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، لمنح الفنانين والمخرجين في غزة الفرصة للتعبير عن حياتهم اليومية من خلال أفلام قصيرة وكانت الافلام هي :
"خارج الإطار"، إخراج نداء أبو حسنة
" جنة جهنم"، إخراج كريم صتم
"سحر" إخراج بشار البلبيسي
"الصحوة"، إخراج مهدي كريرة
"جاد وناتالي"، إخراج أوس البنا
"لا"، إخراج هناء عوض
"كل شيء على ما يرام"، إخراج نضال دامو
"تاكسي ونيسة"، إخراج اعتماد وشاح
"24 ساعة"، إخراج علاء دامو
"سيلفي"، إخراج ريما محمود
"لا إشارة"، إخراج محمد الشريف
"بشرة ناعمة"، إخراج خميس مشهراوي
"فلاش باك"، إخراج إسلام الزريعي
"شظايا"، إخراج باسل المقوصي
"القرابين"، إخراج مصطفى النبيه
"يوم دراسي"، إخراج أحمد الدانف
"فرح ومريم"، إخراج وسام موسى
"مثقلة بالأعباء"، إخراج علاء أيوب
"المعلم" إخراج تامر نجم
"إعادة التدوير"، إخراج رباب خميس
"صدى"، إخراج مصطفى
"سينما آسفة"، إخراج أحمد حسونة
كل هذه القصص هي جزء من الواقع"،
من خلال سرد القصص المذهلة مع الواقعية الرمزية والإبداعية ، فإن شهادات هؤلاء المخرجين عن الحصار تحت القصف المستمر والمجاعة المفروضة تعرض من كفاحهم اليومي من أجل البقاء . في فيلم "بشرة ناعمة" يدخل المخرج خميس مشهراوي ورشة عمل للرسوم المتحركة تقدم العلاج بالفن للأطفال ، الذين أصبح الكثير منهم أيتاما حديثا بعد أن فقدوا أهلهم من جراء القصف الأسرائيلي لمدينة غزة . في فيلم المخرج نضال دامو "كل شيء على ما يرام"، يستعد ممثل كوميدي ارتجالي للأداء بعض المشاهد في مكانه المفضل ليصل إلى أعقاب المجزرة الأخيرة . ومن القصص المؤثرة أيضا ، في فيلم " نقطة الصفر" الذي يؤرخ حياة الناس التي غالبا ما تتم مناقشتها في إشارة إلى الأرقام ومخيمات اللاجئين . هذه المجموعة من الأفلام تعيد الرؤى والتجارب وشرائح الحياة التي عمل عليها صانعو أفلام شباب من غزة الصامدة التي أراد الصهاينة "إسكاتها وخنقها"، وصنعت هذه الأفلام في "ظروف صعبة للغاية"، وب "وسائل محدودة للغاية" وتحت "قيود وثقل حرب الإبادة الجماعية" ولا تزال مستمرة ضد السكان المدنيين في غزة . هذا التآزر الذي يمثل صمود الشعب الفلسطيني، ولد بمبادرة من المخرج والمنتج الغزاوي رشيد مشهراوي بعد العدوان الهمجي على غزة، الذي انطلق في أكتوبر 2023، وساهم العديد من المخرجين والأفراد والمؤسسات الإقليمية والدولية في دعمه ورعايته، بعد ثمانية أشهر، ينتج عملا سينمائيا يمثل 22 شهادة على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي يرتكبها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني .
نجح المشهراوي وفريقه المكون من 22 مخرجا في تحقيق هذا الهدف . تختلف القصص المقدمة في الفيلم عبر مجموعة من المشاعر ، تتراوح من المرونة والمأساة إلى الأمل وإيجاد الفرح في أماكن غير محتملة. كما أنها تتضمن عناصر غير متوقعة ، بما في ذلك الرسوم المتحركة والدمى والحركة. في فيلم "سينما آسفة " يقدم المخرج أحمد حسونة، وهو مخرج مخضرم في المجتمع الغزي، رسالة اعتذار لهذا الشكل الفني، قائلا إنه غير قادر على مواصلة العمل لأنه مضطر لضمان بقاء عائلته على قيد الحياة . الفيلم هو تكريم مؤثر للسينما، بقدر ما هو منظور مؤثر لحياة المبدع وسط الحرب. في البداية، لم يتمكن حسونة من العثور على ما يؤهله لإنتاج الفيلم الروائي الطويل، على الرغم من أن القيام بذلك سيمثل ظهوره الأول في جميع أنحاء العالم كمخرج . وقال مشهراوي "لم تتح الفرصة لأحمد أبدا لعرض أفلامه في المهرجانات أو حتى مشاهدة أفلامه على الشاشة الكبيرة". "عندما اقتربت منه بشأن المشروع ، أخبرته أن هذه هي فرصتك الآن وأنني أضمن أنه سيتم عرضه في جميع أنحاء العالم . لكنه أعتذر لاإنه لا يستطيع أن يعمل بعد أن فقد شقيقه قبل بضعة أيام . كما يعيش في شمال غزة، حيث لا تستطيع سيارات الإسعاف أو الدفاع المدني الوصول إليها. والطريقة الوحيدة التي يمكن أن تصل بها المواد الغذائية والطبية إليهم هي من خلال الإسقاط الجوي".
في حين تؤكد المخرجة هناء عوض في وثيقتها السينمائية على جانب مختلف من الحياة المعيشية في الحرب والدمار ، بل أرادت التركيز على الميل البشري للبحث عن النور في أحلك الظروف . في فيلمها القصير تقدم مجموعة من الشباب غزة وهم يغنون أغاني المقاومة والأمل ، ويقدمون خطا من الفرح في مشهد يشوبه الدمار . تسير المخرجة هناء عوض ومصوراها السينمائيان، أحمد الدنف ويوسف المشهراوي عبر أنقاض غزة في محاولة للعثور على لحظة سعيدة لالتقاطها. في النهاية وجدوا مجموعة من الشباب يغنون وهي أشارة على الحياة وسط الدمار. إنه الفيلم الوحيد في المشروع الذي يتضمن أغنية . هناك أعمال ، مثل فيلم "إعادة التدوير " والتي تظهر كيف يتعين على الناس التعامل مع الموارد الشحيحة. تتمحور أحداث الفيلم الذي أخرجته رباب خميس حول أم تستخدم دلوا واحدا من الماء لترطيب أطفالها وتحميمهم و تستغل الماء في تنظيف أرضيات منزلهم وغسل الملابس لبيان شحة المياه في زمن حصار غزة ، وهناك صورة مأساوية لأطفال يحملون أسماء مكتوبة على أذرعهم أو أرجلهم للتعرف عليهم في حالة الإصابة أو الموت ، يحفرون في الأنقاض لأحبائهم أثناء مناداة أسمائهم ، ينامون على الخرسانة . الفيلم يحكي التجربة الصادمة لمراهقة صغيرة امها كتبت اسمها على جسدها حتى تتعرف عليها اذا ما ماتت، هذا الفيلم يوصل لنا ما احست به هذه المراهقة التي تحكي الصدمة التي عاشتها بسبب تلك الكتابات وانها لم تتمكن من النوم ومحت الكتابات عن جسدها وعن جسد اخيها الصغير. في فيلم "جنة جهنم" من إخراج كريم صتوم، يستيقظ رجل في كيس جثث في غزة. في البداية ، لم يكن متأكدا من كيف انتهى به المطاف في البلاستيك السميك المخصص للموتى. يفك سحاب نفسه من الحقيبة، ويبدأ في المشي وسط خيام اللاجئين الموضوعة مقابل المناظر الطبيعية المدمرة، محاولا سرد يومه السابق. كان نائما على الخرسانة العارية ، يرتجف من البرد ، كما يتذكر. كان قد ذهب إلى إحدى المنظمات التي عرضت الغسيل والدفن مجانا للموتى . كان قد طلب حقيبة، وعندما رفضوا في البداية، جادلهم قائلا : "ألا أحصل على حقيبة إذا استشهدت؟ ، قد أستفيد منه الآن ". في النهاية حصل على إ الحقيبة . كان البلاستيك السميك هو فترة الراحة الوحيدة له من البرد ، وهو انتصار ضئيل في نزوحه في "جنته في الجحيم". في حين الفيلم الفصير "تاكسي ونيسة" لاعتماد وشاح يتمحورحول سائق سيارة أجرة ينقل الناس والبضائع في جميع أنحاء غزة مع قافلة وبغل . في منتصف الطريق، تتوقف اللقطات وتظهر المخرجة وشاح نفسها الشاشة، قائلة إنها تعتذر عن إكمال المشروع، لأنه في اليوم الثالث من التصوير وقعت مأساة عندما قتل أحد أفراد عائلتها في غارة جوية . . على سبيل المثال، فيلم قصير آخر جميل و يظهر اشخاص يجمعون اطفال ويعلمونهم الرسم وكيفية عمل رسوم متحركة. من خلال هذه الرسوم المتحركة الاطفال يروون لبعضهم آلامهم وتخوفاتهم .
أطلق هذه المبادرة المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي لمجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية والتجريبية وفن الفيديو بعنوان "من جراوند زيرو الذي عرضت أفلامه في مهرجانات عربية ودولية كبرى وفازت بعشرات الجوائز . أشرف على المشروع فنيا وسينمائيا بمساعدة العديد من المهنيين. هذه الأفلام تعبر عن آمالهم وهمومهم في ظروف بالغة التحدي وغير مسبوقة. ومن ثم إعادة التأكيد على صمود سكان غزة وقدرتهم على خلق الحياة وحبها على الرغم من القتل والدمار والتهجير. "للأسف، كان لدينا العديد من المشاريع التي لم تنجح"، قال مشهراوي. "لم تتمكن بعض القصص من تحقيق ذلك لأن لقطات المخرج وجهاز الكمبيوتر الخاص به وكل ما لديه قد تعرض للقصف. على سبيل المثال ، كان هناك فيلم عن امرأة تذهب إلى المستشفى وهي على وشك الولادة. لكن لا يوجد مكان لها في المستشفى. المستشفى مليء بالموت ولا مكان لحياة جديدة". وأكد أن هذا المشروع "أعاد الثقة بالنفس وروح المبادرة للمشاركين فيه، وساعدهم على التغلب على اليأس والإحباط، وغرس فيهم بعض الأمل والتفاؤل المفقودين". مخرجين شباب من غزة اختاروا التعبير عن أنفسهم من خلال السينما، للتنديد بالإبادة الممنهجة للفلسطينيين في قطاع غزة وإظهار ذلك للعالم. وإذ يأخذ العالم شاهدا، فإن الفيلم الروائي "جراوند زيرو" يعيد الرؤى والتجارب وشرائح الحياة التي عمل عليها صانعو أفلام غزاوة الشباب، وحققوا إنجاز في تصوير قصص حقيقية عن صمود شعب . السينما مهمة جدا بالنسبة للفنان مشهرواي الذي بدأ صناعة السينما داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من 30 عاما". ويعبر المخرج عن أهمية السينما :"أحتاج إلى حماية السينما من الاحتلال الإسرائيلي ويجب ألا تكون السينما مجرد رد فعل ، يجب أن تكون عملا أبداعياً. أيها الفلسطينيون، نحن أمة و لدينا التاريخ واللغة والموسيقى والألوان والطعام: لدينا أشياء كثيرة تخصنا ، كل هذه الأشياء يمكن أن تكون أرضية قوية لصنع السينما". كما أكد المشهراوي على أهمية السينما في حياته ودورها في تصوير التجربة الفلسطينية . مخرجون ومخرجات شابات "كانوا يقاتلون لحماية حياتهم وعائلاتهم والبحث عن الطعام والحطب لإشعال النار. والنتيجة هي سلسلة من الأفلام القصيرة بعنوان "جراوند زيرو"، تفضح همجية العدوان الصهيوني تروي القصف الإسرائيلي لغزة والأزمة الإنسانية الناجمة عنه من وجهة نظر المدنيين في المنطقة .
ولد مشهراوي ونشأ في غزة لعائلة من اللاجئين أصلهم من يافا . على الرغم من أنه لم يدرس السينما رسميا، إلا أنه أثبت نفسه كواحد من أبرز صانعي الأفلام في فلسطين . منذ بداية حياته المهنية، كانت أفلامه سياسية للغاية: أخرج فيلمه القصير الأول "جواز السفر" في عام 1986، حول زوجين عالقين عند المعبر الحدودي بين إسرائيل والأردن لأن الزوج فقد جواز سفره. يشتهر المشهراوي بالعمل المكثف داخل الأراضي المحتلة. بعد بضع سنوات من العيش في هولندا، انتقل إلى رام الله، حيث شارك في إنتاج عشرات الأفلام، سواء الروائية أو الوثائقية. وأشار مشهراوي أن هذه الحرب "غيرتني. أنا لست نفس الشخص. ليس لدي حقا وقت أضيعه في إثبات إنسانيتي للعالم الذي فشل في إثبات إنسانيته لي ولشعبي ". 22 فيلما قصيرا تشهد على القتل الجماعي والتجويع والمرض والصدمات والحزن والمعاناة والقصف لسكان غزة ، ولكنها أيضا تشهد على النضال من أجل البقاء والقيام بذلك بكرامة وأمل. الأفلام في أنماط مختلفة بما في ذلك الأفلام الوثائقية والهجين والدراما والرسوم المتحركة والمقالات والعلاج بالفن التجريبي. وسبق وأن أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية،عن ترشيح الفيلم الروائي الطويل "جراوند زيرو"، وهو مجموعة من الأفلام القصيرة التي تكشف العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، لتمثيل فلسطين رسميا في حفل توزيع جوائز الأوسكار ال97، الذي سيقام عام 2025 في الولايات المتحدة ضمن فئة "أفضل فيلم روائي دولي". وذكرت الصحافة الفلسطينية . كان من المتوقع في البداية أن يتم عرض المشروع في الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي ، ولكن تم سحبه بعد ذلك. ثم قاد مشهراوي عرضا احتجاجيا في المنتجع الفرنسي دون دعم رسمي من مهرجان كان .
ظروف أنتاج الفيلم الصعبة
يقول مشهراوي إن صانعي الأفلام الذين شاركوا في المشروع علموا بعضهم البعض تقنيات التكيف مع الوضع. في معظم الأفلام ، يمكن سماع الصوت المروع للطائرات بدون طيار والطائرات. بالنسبة للتعليقات الصوتية، يقترح مشهراوي أن يعزل صانعو الأفلام أنفسهم في سيارة، ويغلقون النافذة لتسجيل الصوت بأكبر قدر ممكن من النظافة. كما الافلام مؤثرة مؤثرة كذالك الظروف التي يمر على المخرجين والمخرجات الأبطال هي الأخرى مأساوية . كانت فترة صعبة للغاية. وحسب قول مشهراوي " كان على عدد كبير من صانعي الأفلام الانتقال من مكان إلى آخر خلال مشاريعهم. فعلى سبيل المثال، قصفت منازل بعضهم، واضطروا للعيش في خيمة. وفقد آخرون نصف أسرهم ومع ذلك استمروا في المشروع". صنع الفيلم كان كابوسا لوجستيا، وكذلك الحصول على لقطات من غزة . "كانت إحدى مشاكلنا الرئيسية هي إخراج المواد من غزة وأيضا الاتصال طوال الوقت مع صانعي الأفلام. حتى لو تحدثنا عبر الإنترنت ، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، الفيس بوك والواتساب ، كل هذه الأشياء. ولكن بمجرد عدم وجود كهرباء لشحن هاتفك المحمول ، لن يكون لديك شيء". كان دمج 22 فيلما في عمل واحد تحديا كبيرا بالنسبة للإخراج . أحد الأفلام القصيرة يحمل عنوان "آسف السينما" ، يتحدث على وجه التحديد عن حدود إنشاء السينما في مثل هذه الظروف الصعبة. "هذا أحد الأفلام التي تربطني بها علاقة خاصة ، لأنك تقضي حياتك في التفكير في أن السينما هي أولويتك في الحياة. وفجأة ، لا ، ليس كذلك. تحتاج إلى تناول الطعام. أنقذ عائلتك. البشر أهم من السينما" ، ويضيف المخرج مشهراوي: "نحن نصنع أفلاما لجعل الحياة أفضل ، لجعل الحياة أسهل ، لجعلها أكثر فهما. لجعل البشر يشعرون بتحسن. يصف هذا الفيلم هذا العنصر بشكل جيد للغاية لأن المخرج في وضع يحتاج فيه إلى الاختيار بين الحياة والسينما، وقد اختار الحياة" .
غزة من "المسافة الصفر"، قصص غير محكية هو اكثر من فيلم، هو عمل للذاكرة وللمقاومة الثقافية، وإقرار قوي بالإبداع الانساني في مواجهة المحن . يوثق صانعي هذه الأفلام بلا تردد اليأس في هذه الأوقات ، كما هو الحال في فيلم "المعلم" إخراج تامر نجم ، عندما تخرج الشخصية الرئيسية لهذا اليوم فقط لتكتشف أنه لا يستطيع شحن هاتفه ويحتاج إلى شيء يأكله ولكن طابور الخبز طويل جدا. في بعض الأحيان ، تتميز بعض الأفلام القصيرة بالفكاهة والرقص ، وهي شهادة على روح الناجين الذين يتحدون الموت للضحك ومعانقة أحبائهم في يوم آخر . "من المسافة صفر " هي وجهة نظر مؤثرة للخسارة على أرض الواقع ووجع القلب .
في الختام : يقول شاعر فلسطيني (مروان مخول) : "لكي أكتب شعرا غير سياسي، يجب أن أستمع إلى الطيور/ ولكي أسمع الطيور/ يجب أن يصمت ضجيج الطائرات الحربية" . كان أحد الخيوط المشتركة في كل فيلم تقريبا هو الصوت المستمر للطائرات والطائرات بدون طيار ، ويذكرنا بالقصيدة أعلاه . تشعرك بالدمار وأنت تشاهد قصص هذه الافلام القصيرة التي تبين الحياة في غزة ومشاغل اهل غزة ، صمودهم واحلامهم ومستقبلهم الذي تحطم، لكن ايضا ارادتهم الشرسة في البقاء في ديارهم، يقدم هذا الفيلم الدرامي تنوعا غنيا من القصص التي تعكس الحزن والفرح والأمل المتأصل في حياة غزة . على الرغم من ظروف التصوير القاسية، يتألق المشهد الفني النابض بالحياة في غزة من خلال هذه المجموعة، ويقدم صورة حميمة وقوية للحياة اليومية والروح الدائمة لشعبها. من نقطة الصفر هو إنجاز مذهل من الصمود وشهادة على المثابرة التي لا تموت لسكان غزة. يقدم كل فيلم منظورا فريدا للواقع الحالي في غزة . يجسد المشروع تجارب الحياة المتنوعة في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك التحديات والمآسي ولحظات الصمود التي يواجهها شعبه. يعرض فيلم " من الأرض صفر" نسيجا غنيا من القصص التي تعكس الحزن والفرح والأمل المتأصل في حياة غزة .
(*) كاتب عراقي \ مقيم في المملكة المتحدة