|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  2 / 3 / 2025                                 علي المسعود                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

فيلم "كعكتي المفضلة "
دعوة لرفض قمع المرأة والمطالبة بالحرية للمرأة الأيرانية

علي المسعود  (*)
(موقع الناس)

من الأفلام الإيرانية التي نجحت في كسر المحرمات في داخل إيران وخارجها . ومثال على ذلك فيلم "كعكتي المفضلة" الذي عُرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي في 2024 ، الفيلم من إخراج الثنائى مريم مقدم وبهتاش صناعيها، اللذين لم يحضرا المهرجان بعد أن تعرضا لحظر السفر من قِبَل النظام الإيرانى .

يحكي الفيلم حياة أرملة تدعى ماهين (أداء مبهر للممثلة ليلى فرهادبور) في العقد السابع من عمرها ، أمضت سنوات في صمت وعزلة عاطفية . بعد سنوات من الشعور بالوحدة وفقدان زوجها منذ ثلاثين عاما خلال الحرب الأيرانية - العراقية وأطفالها كبروا وهاجروا ، بدأت تتساءل عن وحدتها التي أصبحت غير محتملة مع تقدم العمر وآن الأوان لتجاوزها . ونراقبها لحظة ذهابها إلى السوق لشراء الفواكه والخضروات . تشاهد المسلسلات التلفزيونية في وقت متأخر من الليل، وتنام حتى الظهر . روتين حياتها كما يتبين من قسمات وجهها الحزين مثال واضح على الوحدة . ماهين هي الانعكاس الحقيقي لجميع الأشخاص الوحيدين الذين يتقدمون في السن وتتعمق وحدتهم .

في المرة الأولى التي نلتقي بها فيها كانت ماهين مستلقية على السرير . تنام وتضع غطاء على عينيها منعا ًلضوء النهار . يرن الهاتف : ترد على صديقتها : "أخبرتكِ ألا تتصل بي في الصباح " ، اعتادت ماهين على التأخر في النهوض في الصباح. إضافة الى الجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة الأفلام التلفزيونية الرومانسية القديمة ، لكن"سعادتها الوحيدة" العناية بحديقتها . يبدأ الفيلم بمتابعة هذه السيدة المسنة المنعزلة (ماهين) للغاية في منزلها الجميل . اللقطات القريبة لشفاه وعيني ليلي فرهادبور المنكمشة أمام المرآة تكشف قسوة وحدتها . تستقبل أصدقائها في بيتها وتتبادل الأحاديث مع هؤلاء السيدات المسنات والأستمتاع بلقاءهنّ وثرثرتهنّ ، يتبادلنً القصص المضحكة حول تغيير أجسادهم وعمليات التجميل أو قصص عن الأمراض المزمنة ، ويمزحون على صور تنظير القولون ، ويستعيدنً ذكرياتهنّ عن ماضيهنّ ، تسالها إحدى الصديقات " "لماذا لا تحاولين التعرُّف على رجل جديد؟ ، زوجك توفى ودُفن منذ عشرين عامًا وابنتك تعيش في الخارج ، يجب عليك أن تحاولي العثور على شريك حياة جديد!".

تقف ماهين أمام المرآة وتضع أحمر الشفاه وظلال العيون . وتطلي أظافرها باللون الأحمر وتتذكر حاجة الروح للحديث مع رجل والجسد للمس . منذ أن فقدت زوجها منذ سنوات عديدة ، فهي لم تعد تعرف طعم الحب منذ فترة طويلة . تخرج من جدار عزلة المنزل وتغلق الباب خلفها . تبدأ هنا اللحظات الذهبية والسينمائية للفيلم . من حيث تبدأ ماهين ثورتها ، ثورة ضد نفسها والمجتمع الذي تعيش فيه . لقد توصلت إلى قناعة مفادها أنه لم يعد لديها الكثير من الوقت للاستمتاع بالحياة بعد الآن وأن العيش بمفردها ليس خيارها. ولذلك فهي مصممة على إيجاد رفيق لنفسها . لقد حجزت نفسها في منزلها لسنوات عديدة والآن تريد أن تتذوق طعم الحرية.

جلسة نسائية مع الأصدقاء القدامى اللواتي جميعهنّ (وحيدات) مثل ماهين ويعاننّ من نفس الآلام تغير مسار حياة الأرملة المتقاعدة . تقرر ماهين تغيير أسلوب حياتها بعد الكلمات التحفيزية من الصديقات تغيير إيقاع حياتها والخروج من إطارها الروتيني . مع شرارة أمل أضاءت قلبها ودفعتها الى التحرر من روتينها المتكرر . كانت كلمات التحفيز التي سمعها في الحفلة قد زرعت في ذهنها مثل بذرة صغيرة وترسخت الآن . خطوتها الأولى هي دعوة صديقتها القديمة لنزهة والخروج معها الى المطعم ، ولكن صديقتها تعتذر و تبدأ مغامرتها وحدها . يبدو الأمر كما لو أنها لم تغادر المنزل طوال هذه السنوات الوحيدة ، وكانت وجهتها الأولى فندق قديم يذكرها بأيام شبابها الحلوة . تمشي في شوارع طهران ، وتدور على الحدائق ، يبدو كما لو أن عينيها قد فتحتا للتو على جمال المناطق المحيطة بمنزلها .

تصادف خلال جولتها فتاة صغيرة تتجادل مع ضابط شرطة الأخلاق الذي يحاول جرها الى سيارة الشرطة بسبب خصلة شعر خارجة من الحجاب . تتدخَّل مَاهِين بينهما وتدعم الفتاة دون أي تردد . السياسة ليست بعيدة أبدا، حتى في الكوميديا ومهما كان الفيلم من هذا البلد يوضع تحت القيود الدائمة من آيات الله وحيث كل ملذات الحياة مقيدة أو حتى محرمة . هذه الحادثة يخلق لحظة جميلة وإنسانية في الفيلم . تقوم السيدة ماهين بجولة في شوارع المدينة بسيارة أجرة . في الفندق / المطعم ، يوضح مشهد كوميدي عدم دراية كبار السن بالتكنولوجيا وطريقة إستخدامها . تطلب السيدة ماهين قائمة المشروبات لاختيار ما ترغب شربه . يجيب النادل أنه يتعين عليها مسح رمز (الكود) المطبوع على الطاولة من خلال تطبيق على هاتفها . تصاب بالحيرة وتحرج وتغير طلبها أخيرا الى قهوة .

وبعد البحث عن نصفها الآخر تلتقي ماهين برجل سبعيني يدعى " فرامرز" قام بأداء دوره الممثل بشكل رائع " إسماعيل محرابي" وهو مجند سابق خاض الحرب (العراقية – الأيرانية) ويعمل حالياً سائقا أجرة ، تطلب منه أن يوصلها إلى بيتها ويعتذر بحجة أن دوره لم يأتِ بعد وطلب منها الصعود مع تاكسي آخر له الأفضلية، وتجيبه بأنها طلبته بالاسم وعندما يسألها لماذا تقول له إنها راقبته صباح اليوم في المطعم . يبتسم ويقول لها تفضلي سأوصلك إلى بيتك، وعلى طول الطريق نستمتع بطرافة وحلاوة الحديث بينهما ، ثم تدعوه الى منزلها لسرقة لحظات جميلة في أخر أيام عمرهما ، لم يعد لديهما وقت لضياعه ، "الحياة قصيرة جدا" . في بداية دخول فاراماريز الى بيت ماهين هناك إشارات إلى قلقه بشأن موته وأيضًا إيمانه بعدم ثبات الحياة، وبهذه التفاصيل تكون مثل هذه النهاية منطقية ومناسبة لهذه الشخصية . فارامورز لم يستطيع بسهولة أن يتخيل أن إمرأة لطيفة تعمل كيكة لذيذة من أجله وتشاركه الرقص ، تقدم له شرابا معتقا . فجأة إنقلبت هذه الليلة الرومانسية التي كانت تحلم بها ماهين إلى ليلة حزينة وصدمة لها ، انهمرت فيها دموع ماهين نادبة حظها وحلمها الذي لم يكتمل، مات حلمها الذي ظلت تبحث عنه في ساعة متأخرة من الليل بسبب قرص منشط تناوله فارامورز سرا. ويبدو أن مخرجا الفيلم اختاروا هذه الخيبة في النهاية حتى نتمكن من رؤية الحركة الرمزية لماهين، التي تحتفظ بحبها لنفسها إلى الأبد، وتحقق رغبة عابرة ، أوتحمي خصوصيتها .

السينما الإيرانية الجديدة تمكنت من إعطاء الحياة للإنسانية النابضة والحقيقية، لرغباتها الحميمة وحياتها اليومية، التي غالبا ما يحجبها النظام. السينما الإيرانية الجديدة تقدم بلدا، حيث لا يمتلك الناس مساحات خاصة: النظام يلمح إلى نفسه في كل مكان، حتى في الأماكن التي يجب أن تكون حميمة وشخصية. بالإضافة إلى مشكلة الحقوق المدنية والرقابة وانتهاك حقوق الإنسان باستمرار ، فإن إيران بلد يتقدم في السن بسرعة ، بسبب الهجرة الكبيرة للشباب ، مما يؤدي بها إلى أدنى معدلات المواليد في الشرق الأوسط بأكمله. يؤدي التضخم المرتفع إلى إفقار السكان وتآكل الخدمات العامة غير القادرة على معالجة هذه المشكلة. لذا فإن قصة ماهين معقولة وحقيقية: في جميع أنحاء الفيلم نرى طهران فارغة يسكنها كبار السن في الخلفية ، تكون حياة ماهين (ليلي فرهادبور) ، وهي أرملة منذ 30 عاما ، من زيارات متفرقة من الأصدقاء ، ومسلسلات تلفزيونية مع قصص حب مثيرة للدموع ، ومكالمات هاتفية مع ابنتها المشتتة والخانقة ، التي تعيش في السويد ، وتمشي في عزلة . يضاف إلى الشعور بالوحدة حيرة عدم الاعتراف ببلد المرء ، الذي تغير ، وصعوبة العثور على مكان في المجتمع والدافع للمضي قدما. لهذا السبب، بضغط من أصدقائها، ستعرض ماهين نهجا جريئا، خاصة بالنسبة للعالم العربي وعمرها، حيث ستدعو سائق سيارة الأجرة فرامرز (إسماعيل محرابي) إلى منزلها. إنه لقاء مليء بالفرح والغناء والرقص والرغبة والنبيذ المحرم .

ينجح الفيلم في عرض صورة واقعية عن هموم كبار السن الذين يعتبرون جزءا من فئة من المجتمع تبدو قلوبهم الرهيفة وأرواحهم الهشة. والآن يرون أنفسهم للمرة الأولى ويا لها من وليمة يصنعونها بهذا اللقاء. ينجح فيلم " كعكتي المفضلة " في تسلط الضوء على وضع الرجال والنساء المسنين والوحيدين في المجتمع الإيراني أو في أي مجتمع آخر ، كما إن رؤية هذه الشخصيات أمر مثير ومهم بشكل خاص للجمهور الإيراني . ارتباطها بالأغاني الإيرانية القديمة التي تعتبر اختيارات جيدة، والأجواء الإيرانية، والتقاط الأشياء الدقيقة مثل قميص ماهين المتغير واقتراح صنع مصابيح قديمة وجميلة في ساحة المنزل ، تجعل من "كعكتي المفضلة" جميلة ومؤثرة للغاية العمل، وخاصة في هذه اللحظات .

في الجزء الأول من الفيلم ، يتم إدراج المرأة دائما في سياق: المنزل والفندق والحديقة. نراقبها من مسافة بعيدة ، كما لو كنا ندرسها. حتى عندما تكون مع أصدقائها ، تحافظ الكاميرا على مسافة آمنة. فقط عندما تلتقي بفرامرز ، ومع زيادة العلاقة الحميمة ، سنقرب منها. كعكتي المفضلة، بالإضافة إلى كونه فيلما عن المشاعر والحميمية التي تنشأ بين الناس، هو أيضا فيلم عن البيئات: المنزل الكبير في ماهين أولا وقبل كل شيء ومساحات طهران، فارغة جدا، مثل فندق ليبرتا، الذي كان يسمى في السابق حياة، حيث ذهب الناس لمشاهدة الحفلات الموسيقية .ولكن ليس هناك فقط العلاقة مع فرامرز ، المهم هو الاجتماع مع فتاة في الحديقة (ميليكا بازوكي) ، التي على وشك القبض عليها من قبل شرطة الأخلاق ، مما يدل على اتحاد الأجيال في الندم على إيران القديمة. ويحمل معه نوعا من الحزن لهذه الأجيال التي قد لا ترى نهاية النظام أبدا، فضلا عن غطرسة السلطات تجاه المرأتين . يرفض فيلم "كعكتي الحبيبة" تكرار أنماط قصص الحب السائدة، ومن خلال التركيز على العلاقة بين رجل مسن وامرأة مسنة . المشاهد المثيرة في الفيلم ، مثل الاستحمام والرقص والشرب وما إلى ذلك، كلها مصحوبة بمزيج من العناصر التراجيدية والكوميديا في نفس الوقت . تم تصوير فيلم "كعكتي المفضلة" في العاصمة الإيرانية طهران . وفرت هذه المدينة ذات الخلفية الثقافية المتنوعة مكانًا لرواية القصص الإنسانية والاجتماعية . وقد ساعد التصوير في أماكن مختلفة من المدينة، بما في ذلك الحدائق والمقاهي والمنازل التقليدية، على عكس أجواء الحياة اليومية في طهران. وقد أدى اختيار هذه الأماكن إلى خلق جو قريب من الواقع للقصة والشخصيات .

هذا الفيلم يسلط الضوء على جيل من الإيرانيين الذين تعرضوا للإهمال بشكل خاص خلال هذه الثورة . تشمر ماهين عن ساعدها وتتولى مسؤولية مصيرها. ماهين ليس بطلاً فحسب، بل هو أيضًا ثائرة إيرانية في عصرنا. لديها خصائص تتكاثر لدى النساء والفتيات من جميع الأعمار هذه الأيام . أود أن أشير إلى الأداء الرائع الذي قدمته ليلى فرهاد بور ،التي تحملت عبء الفيلم من البداية إلى النهاية . إنها تعرف ماهين جيدًا وتعرف ما يجري تحت جلدها و تنقل أفراح ماهين ومخاوفها وحبها وحزنها إلى المشاهد ، الممثلة (ليلى فرهابور) كاتبة وصحفية وناشطة إيرانية في مجال حقوق المرأة ، ولدت عام 1961 وبدأت حياتها الفنية في عام 2009. أكملت ليلى فرهادبور دراستها في علوم الاتصال والصحافة ، وكذالك الممثل (إسماعيل محرابي) في دور فرمرز وهو ممثل مسرحي وسينمائي إيراني .

لماذا أثار الفيلم الجدل؟
يتناول هذا الفيلم قضايا اجتماعية وثقافية مختلفة، مما أثار الكثير من النقاشات بين الجمهور والنقاد . ولفتت المزيد من الاهتمام إلى هذا العمل الفني ، وسلطت الضوء عليه كفيلم ذو وجهات نظر اجتماعية . ويعد فيلم "كعكتي المفضلة" أول فيلم إيراني يتم إنتاجه داخل إيران خلال الخمسة وأربعين عاما الماضية، تجاوز الخطوط والمحظورات للجمهورية الإسلامية. مثلاً ، الممثلات يظهرنً غير محجبات، وشرب النبيذ من قبل العجوزين ماهين و فرمرز في هذا الفيلم، وحديث النساء عن احتياجاتهن في الحفلات، أورقص البطلة (ماهين) على أغنية قديمة محرمة . يتناول الفيلم العديد من القضايا الحساسة بالنسبة للحكومة الإسلامية في إيران، يصوّر عجوزان يتذكران طبيعة الحياة وبساطتها قبل القيود الاجتماعية التي فرضت بعد الثورة الإيرانية عام 1979. يتحدى فيلم "كعكتي المفضلة" الدقيق والمؤثر قواعد الرقابة الصارمة في إيران بتصويره الحميمي للحياة اليومية، وهو أمر كان المخرجان يعرفان أنه محفوف بالمخاطر . وأوضح صناعيها: "منذ البداية، كنا نعلم أنه سيكون للأمر عواقب علينا"، مضيفاً: "لا يقتصر الأمر عليّ وعلى مريم فقط.. الممثلون الآن في المحاكمة، مثلنا، بتهم أقل، لكنهم في القضية نفسها" . إن صنع فيلم في إيران، خلف الأبواب المغلقة تقريبا غاية في الصعوبة ، لأنه يتعين عليك إظهار براعة معينة، هو أيضا مقاومة .

فيلم "كعكتي المفضلة" يقف على أكتاف ثورة "امرأة الحياة الحرة". أعتقد أن الانتفاضة الأخيرة في شوارع إيران فتحت الطريق أمام مثل هذا التحول وزادت من سرعة تقديمه . فيلم "كعكتي المفضلة" ليس حركة، لكنه نتاج حركة أكبر واستمرار للنضال الذي بدأ في إيران . إن اتخاذ موقف ضد شرطة الأخلاق في الحديقة بينما يتم أخذ الفتيات الصغيرات لعدم ارتدائهن الحجاب بشكل كامل أو بانت خصلة من تحته يعد جريمة . الميزة العظيمة لهذا الفيلم هي أنه لا يقاوم أبدا وجها لوجه ، وأنه يعالج هذا الموضوع دون جعله موضوعا سياسياً، وأنه يسمح لشخصياته بالتصرف في مواقف غالبا ما تكون مضحكة ومليئة بالحنان . لا يتناول هذا الفيلم العلاقات الإنسانية فحسب ، بل يشير أيضًا إلى التحديات الاجتماعية والثقافية في إيران . يعتبر فيلم "كعكتي الحبيبة" أول فيلم إيراني يتجاوز بعض الخطوط الحمراء خلال 45 عاماً . وهو من أوائل الأفلام التى أظهرت شخصياتها النسائية بدون حجاب داخل المنزل منذ قيام النظام الإسلامى المتشدد عام 1979 .

يمكن تقسيم الفيلم إلى ثلاثة أجزاء: الشعور بالوحدة والألفة والتفاعل بين الشخصيتين الرئيسيتين ، والجزء الصادم من النهاية. من خلال التركيز على شخصتين كبيرتين في السن ، مليئين بالحنان ، يقدم الزوجان من صانعي الأفلام نظرة على تطور المجتمع والحنين الى ماضي جميل ، وموانع الوقت الحاضر . يركز الفيلم على موضوعات مثل الحب في الشيخوخة والوحدة والتحديات التي تفرضها القيود الاجتماعية والثقافية في إيران ، ويروي قصة ممتعة بطريقة عاطفية وإنسانية . تم تصوير الفيلم فى الأيام الأولى للاحتجاجات من أجل حرية حياة المرأة، التى اندلعت بعد وفاة مهسا أمينى أثناء احتجازها لدى الشرطة فى سبتمبر 2022 . المخرجة مقدم وهي ممثلة أيضاً صرحت لوكالة فرانس برس: "أردنا أن نروي قصة واقع حياتنا، والذي يتعلق بتلك الأشياء المحرمة مثل الغناء والرقص وعدم ارتداء الحجاب في المنزل، وهو ما لا يفعله أحد في المنزل". بدوره قال زوجها وشريكها في الفيلم المخرج بهتاش صناعيها : "في الأفلام الإيرانية، لـ45 عاماً، كنت ترى امرأة إيرانية تستيقظ في السرير وهي ترتدي الحجاب ، إنه أمر سخيف لأنه لا يحدث في الواقع في المنازل الإيرانية". وما زاد الطين بلّة ، الممثلة ليلي فرهادبور (وهي أيضاً صحفية ومؤلفة في إيران) تظهر في الفيلم من دون حجاب، وشرحت الممثلة في مؤتمر صحفي أن النساء الإيرانيات في حياتهن اليومية (لا يضعن الحجاب أثناء النوم) أو داخل بيوتهنّ إلا في الأفلام . واضافت "أردنا أن يكون هذا الفيلم واقعيا". تواجه ماهين تحديات نابعة من التقاليد والأحكام الاجتماعية، لكنها تحاول بجرأة التغلب على هذه العقبات واستعادة مشاعرها المنسية. يمضي الفيلم بوتيرة بطيئة ودون عجلة من أمره ، ويعرض مشاهد من حياة ماهين ، وهي امرأة قمعت عواطفها لسنوات وتبذل قصارى جهدها للهروب من الشعور بالوحدة واستعادة قلبها . يقدم مخرجا الفيلم الزوجان ، أهمية العلاقات الانسانية والتجاوب مع كبار السن من كلا الجنسين .

ومن الجدير بالذكر ، مخرجا الفيلم أرسلا رسالة إلى منظّمي مهرجان برلين السينمائي الدولي بعد منعهما من السفر ، وجاء في رسالتهما التي قرأتها الممثلة الرئيسية ليلي فرهادبور: "نهدي، بكل حرية وفخر، العرض الأول لهذا الفيلم إلى النساء الحرّات والشجاعات في بلدنا، اللواتي كنّ دائماً في طليعة النضالات الاجتماعية والتغيير، ويحاولنّ كسر جدار المعتقدات الكاذبة المتحجرة التي عفا عليها الزمن، ويضحين ّبأنفسهنّ من أجل الحرية" .
 

 

(*) كاتب عراقي \ مقيم في المملكة المتحدة
 







 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter