| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الخميس 25 / 8 / 2016 د. عامر صالح كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
سحب الثقة من وزير الدفاع العراقي ومصداقية الحراك المدني الاجتماعي العراقي !!!
د. عامر صالح
(موقع الناس)صادق البرلمان العراقي بسحب الثقة اليوم وبتاريخ 2016ـ08ـ25 عن وزير الدفاع العراقي بأعفائه من منصبه كوزيرا للدفاع وبجلسة تصويت سريه كان قوامها 142 نائبا ضد بقائه في منصبه و 102 نائبا مع بقائه ومقابل 18 أمتنع عن التصويت. وكان ذلك في جلسة يقودها خصمه رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري والذي أتهمه وزير الدفاع خالد العبيدي بأنه جزء من منظومة الفساد العامة في الدولة دون تبرئة تذكر لحد الآن من القضاء العراقي لسليم الجبوري !!!.
جرى هذا في ظروف عدم الاستقرار في المؤسسة العسكرية وتماسكها الضروري وهي تحارب اعتى تنظيما أرهابيا لحد الآن والمتمثل بتنظيم الدولة الاسلامية الارهابي " داعش ", ويفترض ان تكون مهنية هذه المؤسسة وابتعادها عن الصراعات هي الاهم لانجاز مهمتها لتحرير باقي التراب العراقي من قبضة الارهاب الداعشي والتهيئ لمرحلة ما بعد داعش !!!.
كيف أنظم اغلبية البرلمانيين الى جانب العبيدي ونصرته في جلسة استجوابه, وكيف اليوم تحولت جلسة البرلمان اليوم الى ضده بالاغلبية, انه المضحك والمبكي في سياسات العراق اليوم ". وبغض النظر عن تزكية العبيدي اليوم, فتلك ليست مهمتي, بل انها مهمة قضائية بحتة, ولكن النظام النظام المحصصاتي كشر عن أنيابه وجسد ردائته وعيوبه القاتلة, ذلك النظام الذي لا علاقة له بالانتماء الوطني لارض وشعب العراق, نظام قائم على اغتنام المناصب السياسية والعداء للشعب !!!.
أن إقالة وزير الدفاع في هذه الظروف سوف يضرب ويفكك الكتل السياسية ـ الطائفية والعرقية الاثنية كما أكدته جلسة البرلمان اليوم, حيث انقسم اليوم سنيها السياسي وشيعها وأثنيها العرقي الى شراذم في التصويت, وكل ذلك سيهدد ويعرقل تحرير الموصل وما بعدها. وعلى ما اعتقد ان درس إقالته هو درس تأديبي لكل من يتحدث عن الفساد في منظومة النظام المحصصاتي الفاسد بمكوناته الشيعية والسنية التعصبية السياسية والعرقية الاثنية والذين لا يريدون للعراق ان يتعافى !!!.
أن العقل العراقي السياسي محكوم بآلية الانتقام والثأر والمؤامرة من المغاير الآخر مهما اختلفت انتماءاته السياسية والطائفية والاثنية, بل هي سلوكيات فاشية دكتاتورية لتصفية الحساب مع المعارض الآخر. أنها ثقافة النظام الدكتاتوري الصدامي والتي ألقت بظلالها على ثقافة معظم أحزاب الاغلبية الحاكمة في عراق ما بعد 2003 !!!.
لقد أكدت احداث البرلمان الاخيرة هي ان ترفض الطائفية السياسية والاثنية يعني إنك منفتح ذهنيا وفكريا وعقليا وحضاريا للانتقال من حالة الوعي المتردي الى حالة نوعية جديدة تقترب فيه من إنسانية الانسان, أما ان تنظم قوى كانت بالامس ترى في الحراك الشعبي الشامل عمل اجرامي أو مؤامرة على النظام السياسي الطائفي فهو غير مقبول أخلاقيا وهو الوجه الصارخ للنفاق السياسي الطائفي والاثني !!!.
ان مرجعية شعبنا الاساسية هي الانتفاضة الشعبية العارمة والحراك الاجتماعي المتعاظم الذي بدأ في شوارع العراق كله, والذي يعبر عن حالة اختمار الوعي المعارض للطائفية السياسية والاثنية. إن التحولات الجذرية في الوعي هي الكفيلة في بناء نظام سياسي عادل وليست ما يجري في قبة البرلمان من صراعات سياسية طائفية وأثنية تريد تبديل الوجوه الطائفية بوجوه اخرى من نسخة طبق الاصل ولتصفية الحسابات المصلحية الضيقة !!!.
ومن المستهجن والمدان اخلاقيا ان القوى الطائفية السياسية بأمتياز والمتهمة بالتأسيس للفساد في العراق ان تنظم الى المعتصمين في البرلمان, بل وتطالب بانهاء المحاصصة وهي المطالبة اليوم قبل غيرها بانهاء مزاج المحاصصة والاعتراف لشعبنا بسوء الادارة والتدبير عندما كانت تقود السلطة التنفيذية, والمثول أمام القضاء للمحاسبة الشديدة !!!.
نقول الآن ان الارهاب هو الاقوى والاعتى في قدراته من كل البرلمانين المنتفعين والذين لا يرون السياسة الا من خلال منافعهم وانفعالاتهم المريضة, وان الفراغ الامني يهدد ما تبقى من الدولة والمجتمع في الانهيار الكامل. إن اللجوء الى الشارع العراقي في انتفاضته الباسلة كمرجعية مطلقة هو البديل الاوفر حظا للخروج من مأزق الطائفية والاثنية, واعادة بناء العملية السياسية بعيدا عن امراض المحاصصة والاعتصامات البرلمانية الموسمية والمرتبطة بتكريس المحاصصة, لا القضاء عليها !!!.