| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عامر صالح

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 15/2/ 2011


 

التخلف العقلي والعقل المتخلف: مدخل في سيكولوجيا تشوهات الوعي !!!!

 د.عامر صالح

" ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة بنعم " -
المتنبي

إن الدماغ الإنساني باعتباره الأساس المادي للعقل هو المنجز التاريخي والبيولوجي الذي أحرزه الإنسان في عملية الصراع من اجل بقاء أفضل, وهو أداته الأساسية في تحسين ظروف وجوده وصولا إلى العيش الكريم والحرية والكرامة الإنسانية, وأن التعقيد التركيبي والوظيفي للدماغ هو من أرقى المنجزات النوعية للإنسان, وأن ما يصدر من نتاج وانجازات في نطاق العلم والثقافة ومختلف المعارف هي نتاج الدماغ ووسيلته الأساسية لتذليل صعوبات ظروف العيش والسيطرة على الطبيعة وتطوير وتحسين ظروف الوجود المادي والفكري.

وترد في العلوم مترادفات كثيرة بهذا الخصوص, منها: الدماغ, والعقل, والعمليات العقلية العليا والنشاط العصبي الأعلى, فالدماغ يرد في علم التشريح للدلالة على مكوناته الأساسية " المخ, والمخيخ والنخاع المستطيل " والأجزاء التفصيلية لها, والعقل يرد في الفلسفة ليجسد مفهوم الوعي والوظيفة التي يؤديها الدماغ, أما بالنسبة للعمليات العقلية في علم النفس, والنشاط العصبي الأعلى في الفسيولوجية " علم وظائف الأعضاء " فيقصد بها مجمل الوظائف التي يقوم بها الجزء الأعلى من الدماغ " المخ والقشرة الدماغية " , والمتمثلة بالتذكر والتخيل والتعلم والتصور والانتباه واللغة ورسم الخطط والبرامج المختلفة وضبط السلوك الظاهر والخفي وممارسة النقد والنقد الذاتي وإطلاق الأحكام المختلفة, وهو مستقر القناعات الفكرية والسياسية والفلسفية, وبالتالي تشكل العمليات العقلية العليا مستقر حال الشخصية الموجهة إلى الخارج في التفاعل اليومي, والى الداخل باعتبارها كيانا ذاتيا ترسم معالم شخصية الفرد وأنساقه الفكرية والعقلية !!!!.

أن معطيات علم الدماغ الحديث وعلم الأعصاب وعلم الأمراض العقلية أكدت بما لا يقبل الشك أن الدماغ هو الأساس المادي الذي يحرر مختلف الوظائف النفسية والعقلية, وهو مصدر المشاعر والأحاسيس والعواطف الإنسانية في حالتي الصحة والمرض والاضطراب. وعلى خلفية ذلك نشأت القطيعة المدعمة بالبراهين بين وظيفتي القلب والدماغ, فبالنسبة للعلم تنحصر مهمة القلب ودوره في ضخ الدم في جسم الإنسان, ولا يشار إلى أي شيء يؤكد على أن القلب يمتلك مقدرة إدراكية ومعرفية وانفعالية, فالدماغ البشري هو وعاء العقل وصاحب السلطة الشاملة في نظر العلم الحديث في ميدان الأفكار والمشاعر والعواطف والأحاسيس.

أما الرؤية الدينية القرآنية فتؤكد عدم جواز الفصل بين العقل والقلب, وإنما يوجد وحدة وتميز بينهما بنفس الوقت, ففي القران يمثل القلب والعقل كينونتين. ففعل " عقل " ورد تسعا وأربعين مرة في القرآن بصيغ مختلفة ولم تذكر لفظة ( العقل ), أما مفردة "القلب" أو " قلب " فكان ورودها مائة وأثنين وعشرين مرة, وأن القرآن لا يرى ضرورة القطيعة بينهما, بل يؤكد على واقع الالتقاء بين العقل والقلب, ولعل سورة الحج, الآية (46) تمثل ذلك بوضوح حيث تشير: " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب في الصدور), وحسب تفسير النص دينيا فأن القلب يمثل هنا تلك القوة التي تقف وراء العقل ولا نستطيع تحديدها تحديدا ماديا, فالقلب هنا يرى الوجود بعين البصيرة لا بعين البصر ويدرك الحقيقة من الداخل لا من الخارج أو الظاهر.

ومسألة العقل يشار إليها في الفكر الصوفي على أساس أنها " آلة القلب " في الإدراك, كما تعني في الوقت ذاته " إدراك النفس ", وإحاطتها بالأمور, وتميزها بين الأشياء, وهذا التحديد الصوفي يؤكد أن العقل, والقلب, والنفس شيء واحد, كما أن الروح, والنفس يشتركان في المعنى الإدراكي, والمعنى المتعلق بتدبير وتسير الإنسان في جملته, ومن نتيجة هذا أيضا أن العقل ليس بعضو بقدر ما هو صفة للنشاط الباطني للإنسان, وهذا التحديد الأخير يوازي طبيعة النفس, والقلب, والروح من حيث المفارقة لمفهوم المادة. وقد كان هناك اختلاف حول مكان العقل عند المسلمين, هل هو في القلب, أو في الدماغ, أو مشترك بينهما, حيث ذهب الإمام أبو حنيفة ( 699 ـ 767 م ) إلى أن مكان العقل هو الدماغ, وذهب الشافعي ( 766 ـ 820 م ), وغيره الكثيرين إلى أن مكانه القلب, وهو مستعد لأن تنجلي فيه حقيقة الأشياء كلها, وقيل أيضا هو مشترك بينهما. ورغم هذا الاختلاف الحاصل حول مكان العقل إلا انه كان ينظر إليه عند المسلمين نظرة بعيدة عن مفهوم العضو المادي, وكان غالبا ما يشار إليه بمعاني " النور الروحاني ", أو " قوة التميز ", أو القوة المتهيئة لقبول العلم, أو نور في بدن الآدمي يضيء به طريقا يبتدئ من حيث ينتهي درك الحواس, أو " نور معنوي في باطن الإنسان ", أو " صفة غريزية " أو " ملكة الاستنباط. وهذا التركيز البعيد عن مفهوم المادة راجع إلى مذهب أهل السنة في أن العقل والروح من الأعيان وليسا بعرضين كما ظنه المعتزلة وغيرهم.

ويؤكد نقاد الفكر الديني من أن محدودية المعارف العلمية آنذاك والسبق الزمني في الإحاطة ومعرفة القلب دون غيره من الأعضاء المعقدة كالدماغ كان هو سيد الموقف, مما جعل القلب يتبوأ مكانة مبالغ فيها تتجاوز حقيقة وظيفته الأساسية المتمثلة بضخ الدم فقط, وبنفس الوقت كان الغموض والحدس والتأمل الذاتي في فهم طبيعة العقل هو الآخر ألقى بضلاله في عدم فهم طبيعة العقل ومكانه, وترك ذلك للاجتهاد بعيدا عن التجريب بسبب من ظروف العصر المتخلفة آنذاك وانعدام الأدوات العلمية للوقوف على طبيعة العلاقة بين العقل والدماغ, كما نراها اليوم, حاله حال الكثير من القضايا في مختلف العلوم !!!!.

لقد أدى تراكم المعرفة العلمية حول الدماغ وتطور وسائل البحث العلمي فيه إلى حسم الخلاف لجهة العقل ذو الأسس الدماغية, بعيدا عن التأملات الخالصة أو الذاتية, ويكفي اليوم أن يصاب الإنسان بمرض عقلي أو آفة دماغية ليتحول إلى إنسان آخر لا عقل له, أو يتناول بضعة أقراص طبية يقررها الأخصائيون أو جلسات نفسية علاجية ليعود المريض إلى رشده " عقله أو وعيه ". وتؤكد العلوم العصبية والنفسية انه لكي ينشأ العقل " الوعي" كوظيفة للدماغ لابد من توفر مقومين رئيسين هما: الأساس البيولوجي والتشريحي السليم للدماغ, وبيئة اجتماعية وثقافية وتربوية مناسبة. وهنا كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, فالبيئات الاجتماعية متنوعة بشكل لا نهائي متأثرة بمنظومة العوامل المجتمعية: الاقتصادية, والاجتماعية, والفكرية, والثقافية, والسياسية, والتربوية والتعليمية, والفلسفية, تبدأ بتأثيراتها منذ اللحظات الأولى لولادة الطفل وحتى أثناء فترة الحمل, ثم من تأثيرات الوالدين والإخوة والبيت والشارع والمدرسة صعودا إلى دوائر التأثير الأوسع في نطاق كل محتويات البيئة من عوامل لا حصر لها, مما يشكل أرضية لتنشئة اجتماعية من نمط معين, مما تسهم بدورها بتشكيل عقول متباينة, هذا على افتراض أن الدماغ يمتلك مقومات فيها مقدار من السلامة العامة والصحة, ونعني بها الأسباب الوراثية, أسباب أثناء الحمل وقبل الولادة, وظروف أثناء الولادة وظروف ما بعد الولادة, والتي تشكل جميعها عوامل مصاحبة و لازمة للتفاعل مع معطيات البيئة وعواملها المعقدة الأنفة الذكر !!!!!!.

وخلاف ذلك فأن انعدام أو ضعف مقومات الصحة العامة في الأسباب المختصرة التي ذكرت أعلاه قد تؤدي إلى ضعف في الوظائف العقلية, مما تؤدي إلى تدهور في كفاءة الجهاز العصبي والدماغ منه بشكل خاص, مما يترتب عليه انحراف دال في المستوى الوظيفي للذكاء العام " أقل من متوسط الذكاء ", حيث يبلغ متوسط الذكاء بين 90 ـ 110 درجة حسب تصنيفات تيرمان , وهناك تصنيفات أخرى تزيد أو تقل عن هذا المتوسط بقليل, ويصاحب هذا الانحراف خلل واضح في بعض من الوظائف العقلية التكيفية منها: الاتصال, العناية الشخصية, الحياة المنزلية, المهارات الاجتماعية, توجيه الذات, المهارات التعليمية" التذكر,الانتباه, اللغة, التركيز, الحفظ, التقويم والنقد وغيرها ", العمل, الاستمتاع, الصحة, الأمان. وتظهر تلك الملامح قبل سن الثامنة عشر, ويظهر هذا الخلل بصفته عملية تؤثر في أداء الجهاز العصبي المركزي, نحن هنا أمام ظاهرة متعارف عليها في العلوم السيكولوجية والتربوية بمصطلح التخلف العقلي أو التخلف الذهني أو الفكري. وتصنف هنا الإعاقة العقلية حسب درجة الذكاء إلى ما يأتي " حسب التصنيف السيكولوجي ":

ـ المأفون وتتراوح نسبة ذكائه بين 50 و 70 درجة
ـ الأبله, وتتراوح نسبة ذكائه بين 50 و 25 درجة
ـ المعتوه, وتكون نسبة ذكائه أقل من 25 درجة

وهناك تصنيفات أخرى لا يسع المجال لذكرها, كالتصنيف الاجتماعي, والتربوي, والتصنيف متعدد الأوجه, والتصنيف حسب مصدر العلة وغيرها, وأن هؤلاء الإفراد المصابين بالتخلف العقلي يصار أمرهم إلى المدارس الخاصة لذوي الإعاقات لتقديم البرامج التربوية والتعليمية المناسبة لهم, وكل حسب أعاقته. ويكون هنا قدر الإنسان وطاقته الدماغية المحدودة لينهل بهذا القدر أو ذاك من البيئة الثقافية والاجتماعية المحيطة به وليشكل عقله بطريقة ما, فهو مجبر على ذلك بحكم ظروف وراثته أو ظروفه أثناء الحمل به أو أثناء ولادته وما بعد ولادته, فهو لا خيار له, وعادة ما تنحصر تأثيرات أعاقته على شخصه فقط ككيان اجتماعي, إضافة إلى تأثيراتها النفسية على الدائرة الأقرب له المتمثلة بالأهل أولا وقبل كل شيء !!!!.

أما أن يكون الإنسان سليما من الناحية الصحية العامة وخاليا من العاهات العقلية بالمفهوم " الطبي " ويتمتع بدرجة ذكاء تصنفه ضمن الناس العاديين, الأمر الذي يسمح له بتأدية أدواره الاجتماعية بشكل مستقل نسبيا, وقد يتبوأ منزلة ما في السلم الاجتماعي أو الوظيفي, وقد يكون قائدا سياسي, أو إداري, أو ديني, أو مشرعا, أو فقيها أو قائد ميداني لمجموعات اجتماعية, ولكنه يتفاعل مع عوامل البيئة المحيطة والوجود, بما فيها من تعقيدات الفكر والثقافة والاجتماع والاقتصاد والفلسفة والعلاقات الإنسانية ومختلف العلوم, بعقلية دوغماتية متحجرة, فنحن هنا ليست أمام ظاهرة " التخلف العقلي" التي تعرضنا لها سابقا, بل نحن هنا نتعامل مع ظاهرة تشكل نموذجا لمفهوم " العقلية المتخلفة ". والعقلية الدوغماتية هنا هي العقلية الوثوقية, التي تثق بمعارفها ثقة عمياء و مطلقة تمنع من اكتشاف نواقصها أو التغيرات التي تجري عليها بمرور الزمن, وهي تعمل بالضد من طبيعة العقل الإنساني التواق إلى النقد والإصلاح واكتشاف الجديد الصالح لضرورات الحياة, والعقل الدوغماتي ليست محصورا بعقيدة ما, بل يشمل عقائد وأيديولوجيات مختلفة, من دينية وسياسية وفلسفية, فهو آلية للعقل قي العمل, وبالتالي قد يشمل عقائد وإيديولوجيات متباينة فيما بينها, فالعقلية الدوغماتية هي واحدة وأن اختلفت العقيدة التي تحملها, لأنها تمثل طريقة عمل, وقد يكون الاختلاف في الدرجة لا في النوع. ويستند العقل الدوغماتي إلى المواقف الحدية والمتطرفة من مجموعتين من الأفكار والمبادئ, فهو من جهة يؤمن إيمانا مطلقا بمجموعة من المبادئ ويتشكل منها ثم بنفس الوقت يتخذ موقفا حادا وعدائيا من الأفكار المغايرة لما يؤمن به. ويؤكد المفكر " ميلتون روكيش " أن هناك مجموعة من المعايير " كما عرضها هاشم صالح في مقدمته لكتاب محمد أركون: الفكر الإسلامي ... قراءة علمية, وعلق عليها لاحقا الكاتب عبد الله المطيري, كما سأقوم بمطاوعة نصوصها لطبيعة المقال " يمكن من خلالها تحديد درجة دوغمائية أو تحجر عقل ما. من أهمها:

1 ـ يمكن تحديد دوغمائية عقل ما من خلال حدة أو شدة فصله بين المعتقدات التي يقتنع بها والمعتقدات التي يرفضها, حيث لا يستطيع أن يتصور أن في العالم سوى فريقين, فريقه هو وفريق خصمه, وأن هذا الحد أو الفصل يلغي منطقة الوسط. ومن أجل أن يحافظ العقل الدوغماتي على هذا الفصل الحاد فأنه يؤكد باستمرار على الخلافات بينه وبين المخالفين له, وأن اغلب خطاباته توجه لتحقيق هذا الهدف مما يضمن له تجيش أتباعه وشحنهم بشحنة انفعالية سالبة تسهل سوقهم كالقطيع بأي اتجاه يريد. أيضا يهاجم هذا العقل أية محاولة للتقريب والحوار بين الطرفين. أيضا يلجأ العقل المتحجر إلى تجاهل وإنكار الوقائع والأحداث التي تكشف زيف ادعاءاته. أيضا لدى العقل المتحجر قدرة على تقبل التناقضات داخل منظومته الفكرية. هذه العقلية بصورة عامة تشكل أرضا خصبة للسلوك الإرهابي, ولا تؤمن بالحوار بين الأديان والعقائد الأخرى,كما يتصور عالمه " على سبيل المثال العالم الإسلامي " بالعالم المتحضر والمتقدم والعالم الآخر " الغربي " يقبع في الجهل والظلام متجاهلا كل الحقائق الموضوعية التي تنفي إدعاءه, وهذا العقل أيضا يكفر الآخر ويلغيه بكل الوسائل المتاحة وبشراسة.

2 ـ من معايير الحكم على عقل ما بأنه دوغماتي متحجر أنه لا يميز بين العقائد والأفكار التي يرفضها. فهو يضعها في سلة واحدة هي سلة الخطأ والضلال, دون أن يكلف نفسه بالبحث في نقاط الالتقاء والتقارب مع الأفكار المخالفة. ونلاحظ ذلك بشكل واضح لدى الأوساط الإسلامية المتشددة عندما يجمعون غير المسلمين كلهم في دائرة الكفار, وكذلك ما يمارسه الكثير من الدوغمائين الايديولوجين وحملة العقائد السياسية من إلغاء للآخرين وعدم الاعتراف بهم بعيدا عن التفاصيل التي تميز بينهم.

3 ـ كما أن من معايير انغلاق عقل ما وتحجره هو الوثوقية المغرقة وتكاثر المسلمات في منظومته الفكرية. فأن كانت كل منظومة فكرية تقوم على عدد بسيط من المسلمات تؤسس للفكر ثم تترك الحرية للناس أن يجتهدوا, فأننا نجد أن مسلمات العقل الدوغمائي تتوالد باستمرار لتقفل كل منافذ للاجتهاد والتفكير. ولذا نجد عندنا أن مقولات لأشخاص عاشوا في القرن الثامن الهجري تتحول إلى مسلمات لا يجوز النقاش حولها أو نقدها. وكذلك نجد أن التفاسير والشروح والفتاوى تتحول من كونها اجتهادات بشر تقبل الصواب والخطأ إلى كونها مسلمات وثوابت لا يجوز المساس بها, ومن أقترب منها تعرض لأصناف الهجوم من تكفير وتفسيق وتضليل وغيرها من أدوات الإقصاء. كما نلاحظ اليوم في عالم السياسة والإيديولوجيات المنتشرة شيوع ظاهرة الحفظ والتلقين للمقولات والشعارات واختزال عالم السياسة المتنوع من خلالها وتحويلها إلى نصوص جاهزة تبنى عليها برامج " تنموية " دون العودة إليها ونقدها في عالم متغير, وقد تلحق أفدح الأضرار بنتائجها النهائية, وتشكل مقولات " قائد الضرورة " و " ملهم الشعب " و " حجة الإسلام " و " خليفة المسلمين " و " راعي الشعب " وغيرها من المسميات, استراتيجيات عمل لعقود قادمة جالبة المزيد من الكوارث !!!!!.

4 ـ تزداد وثوقية عقل ما وانغلاقه وتحجره كلما توقف عند لحظة زمنية محددة وتشبث بها وعاش فكريا وروحيا فيها, مما يجعله لا يعيش واقعه و لا يفكر من خلاله, وهذا ما يتسبب في غربته وإحداث تناقضات وانفصامات هائلة في أتباعه. دائما تكون هذه اللحظة في الماضي, لحظة نشوء الفكر أو لحظة وقوع أحداث مهمة و جذرية في تاريخه. العقل ألوثوقي المتحجر لا يفكر بمنطق تأريخي و لا يعترف بتغير الأزمان وتغير الظروف, لأن من صفاته الثبات والاستقرار بينما منطق الحياة والواقع هو الحركة والتغير والتحول. يحاول العقل المنغلق أن يعوض غربته عن واقعه بأحلام وردية في المستقبل يعيشها لتملأ عليه خواءه وغربته وتناقضاته.

وتشكل هذه المعايير مدخلا ضروريا لتفكيك العقل المتخلف في بيئتنا العربية والإسلامية وتخليصه من ضعف الفاعلية و الاتكالية, وقلة الاكتراث بالوقت, وضعف المبادرة الفردية, والنمطية, والانفرادية, والشكلية, ومقاومة التغير, وضعف مثاقفة التساؤل, واضطراب منهجية التفكير, وقصور الفكر الجدلي وضعف الحاسة النقدية وغيره من ملامح العقلية المتخلفة. وإذا كان الشخص " المتخلف عقليا " يعاني منها لأسباب صحية وطبية لم تتيح له استثمار قدراته الدماغية, وبالتالي يستحق كل أسباب الرعاية التربوية والنفسية, فأن الشخص والأفراد ذوي " العقول المتخلفة والمتحجرة" والذين يمتد تأثيرهم إلى ملايين من الناس ويعرقلون بناء مستقبلهم, يجب أن تفكك هذه القدرات لديهم بسبب من مخاطرها على مستقبل شعوبهم, وأن تحجرهم العقلي ينطبق عليه ما يسمى " بالإعاقة العقلية المكتسبة " !!!!!!!.






 

 

free web counter