| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل حبة

adelmhaba@yahoo.co.uk

 

 

 

 

الثلاثاء 6/3/ 2007

 

 

خامنئي - أحمدي نژاد
على خطى صدام حسين


عادل حبه

إن سياسة "هل من مبارز" التي يعتمدها الجبابرة خارج بلادهم، ما هي الا تعبير عن الضعف والهشاشة التي يعاني منها اي نظام إستبدادي في داخل بلده. أنه مسعى فاشل من هذه الأنظمة لصرف أنظار هذا الشعب او ذاك عن معاناته الحقيقية من ناحية، ومن ناحية أخرى هي وسيلة لتشديد الضغط داخلياً بذريعة التهديدات الخارجية وكتم الافواه وتشديد البطش وقمع إرادة المواطنين. هكذا كان الأمر مع صدام حسين خلال كل سنوات حكمه، وهي ممارسة اتبعها كل طغاة العالم بدون إستثناء.
ولا يستثنى من هذه التقليعة حكم المتطرفين الدينيين في إيران. فالتصعيد والتلويح بالاسلحة غير التقليدية والتدخل العبثي في بلاد الجوار، بدءا من لبنان وانتهاءا بالعراق، ما هو الا تعبير عن ما يعانيه هذا النظام من ضعف وعزلة داخل بلده، وعن تصاعد المزاج الشعبي لاجراء تغيير في البلاد. ففي خلال السنة المنصرمة تصاعدت الإضرابات العمالية والتحركات الطلابية والاضطرابات في المناطق القومية. كما شمل التململ الريف الإيراني، اضافة الى التحرك النسوي الواسع الذي كان أهم اعمدة التحركات الجماهيرية الواسعة اثناء الثورة الشعبية الايرانية في عام 1978-1979.


مظاهرات الآلاف من المعلمين امام مجلس الشورى
3/3/2007 طهران

وكان آخر ما جرى من إحتجاجات شعبية هي مظاهرات المعلمين في يوم 3/3/2007 والمظاهرات النسوية في يوم 4/3/2007. فقد إحتج المعلمون على القوانين المجحفة التي اقرتها وزارة التربية والتعليم والتي تلحق الضرر المادي والمعنوي بالمعلم الإيراني ومكانته في المجتمع. وتجمهر الآلاف من المعلمين، الذين يمثلون أكثر من 30 تنظيم مهني، امام مجلس الشورى رافعين شعارات تندد بالوزارة والحكم ايضاً. وكان من ضمن الشعارات شعار "لنقرأ السلام على مجتمع يخجل فيه المعلمون من ان يعلنوا انهم في عداد سلك التعليم"- وبالفارسية "واي بر آن جامعة كه معلمش از معلمبودن شرم دارد"، إضافة الى شعار المطالبة بتنحي وزير التعليم المقرب من رئيس الجمهورية أحمدي نژاد لعدم كفاءته ..."وزير بي كفايت أستعفا استعفا". وهدد المعلمون بإعلان الأضراب في كل المدارس الايرانية.
واعقب هذا التحرك للمعلمين، تحشد نسوي واسع امام محكمة الثورة مطالبين بإطلاق سراح العشرات من النساء الناشطات في مجال حقوق المرأة وضد التمييز والتطـــــــاول


تحشد نسائي يوم 4/3/2007 امام محكمة الثورة في طهران

على النساء. وتصدى رجال الشرطة و"محجبات" النظام للمتظاهرات "ناثرين" عليهم انواع الشتائم والتهم الجاهزة، بحيث هدد ضابط من الشرطة المتظاهرات وأمام الجميع "سنعلقكن من على الاشجار ونعتقلكن" .... "همه شمارا از درخت اويزان مى كنيم، وهمه تون را يازداشت مى كنيم". وبالفعل تم إعتقال 40 ناشطة وأودعن سجن إيفين الرهيب في شمال العاصمة الإيرانية، ولم يطلق سراحهن لحد الآن. ومن الضروري الإشارة الى أن النظام لم يعد بمستطاعه كالسابق ان يواجه هذه الاحتجاجات أو ان يوقفها بقوة الحديد والنار خاصة بعد العديد من المواجهات التي بدأت مع استلام محمد خاتمي رئاسة الجمهورية في الدورتين السابقتين.
نشير الى هذه الاحداث المستمرة في الشارع الايراني والتي تتطور الى حد استخدام الاساليب العنفية من قبل مخالفي النظام، لنلقي الضوء من جديد على سياسة "هل من مبارز " و" الويل والثبور" التي اتبعها صدام حسين أيضاً في مخاطبته للتهديدات الخارجية، والتي أثبتت انها مجرد فقاعات صابون. إنها معارك وصولات "دونكيشوتية" ليس للشعوب أية مصلحة ولا رأي فيها. فهي "نزالات" لحكام متجبرين ومغرورين لا يكنون اي احترام لرأي الشعب ولا يهمهم مصلحته. رأينا ذلك في العراق، حيث إن كل اسلحة صدام وفيالقه وحرسه الجمهوري والخاص وكل فدائييه ما هم الا قوى هشة غير مقتنعة في الدفاع عن مغامرات خاسرة. ولهذا إنزوى كل هؤلاء وتواروا عن ساحة المعركة، وقام الشعب بمشاهدة هذه اللعبة الدموية الخاسرة ووقف على الحياد. فعن من يدافع؟ عن دولة ليس له اي نصيب فيها، واصبحت هذه الدول لقمة سائغة بسبب طيش الحكام وصولاتهم البائسة.
إن كل الدلائل تشير الى أن حكام ايران سيتعرضون الى نفس مصير سابقهم صدام حسين. بالطبع هذا لا يعني أن الشعب العراقي او الإيراني مغرمان بالعامل الخارجي وحلوله. كلا. ولكن الشعب الايراني سوف لا يدافع عن هذا النظام المتطرف الذي الحق الاذى بالايرانيين قبل غيرهم. فالبلاد تراجعت على كل المستويات والمرافق الى الوراء قياساً بحكم الشاه الذي ثار الشعب ضده، وهي تعاني من أشد عزلة دولياً واقليمياً. كما ان تدخلها الفض في الشؤون الداخلية في لبنان والعراق وفلسطين وغيرها يثير لها العداء والمشاكل الاقليمية والدولية. ولا يؤدي اصرارها على صنع القنبلة الذرية والاسلحة غير التقليدية الا استنفاراً من الدول المتنفذة في العالم وبضمنها روسيا الاتحادية، التي تتردد الآن في تحويل المواد النووية الى ايران. كما استنفرت هذا النهج الدول الاوربية والدول العربية كي تمارس ضغطها على ايران وتقف الى جانب الولايات المتحدة في حملتها ضد هذا البلد. إن افضل خبر لإسرائيل حالياً هو ان ترفض ايران وقف تخصيب اليورانيوم كي تبتز الولايات المتحدة واوربا بشكل أكثر الى حد ان احد معلقي يديعوت احرونوت قال ان احمدي نژاد "هو افضل عميل لإسرائيل!!". لقد كان البرنامج النووي الايراني سائراً على قدم وساق في عهد رفسنجاني ثم خاتمي ولكنه لم يثر اهتمام العالم الا بعد ان رفع احمدي نژاد راية استفزاز الولايات المتحدة. إن النظام الايراني شأنه شأن النظام العراقي مغرم بإستنفار العداء له، والا ماذا يمكن ان نفسر ذلك الإصرار من قبل رئيس الجمهورية الايرانية بمناسبة وغير مناسبة على التشكيك بقضية "الهولوكوست" النازي ضد اليهود الالمان؟ وما هي مصلحة ايران في ذلك؟ لقد حشد أحمدي نژاد العالم لصالح اسرائيل ودفاعاً عنها، وفقد حماية أوربا لإيران مقابل الولايات المتحدة.
إن الولايات المتحدة باتت في ظروف افضل دولياً كي توجه ضربة موجعة الى نظام التطرف في ايران. وكما تشير كل الدلائل تجري الولايات المتحدة الاستعدادات اللوجيستية لذلك مقتنعة بأن الشعب الايراني سيقف موقف المتفرج ازاء إنهيار حكم التطرف والاستبداد الديني في ايران، رغم معارضته لاي شكل من اشكال الغزو الاحتلال. وستستفيد الولايات المتحدة أيضاً من تجربتها المتعثرة في العراق. لقد اتخذت الولايات خطوات واضحة في هذا الاتجاه. فقد تم تعزيز القوات البحرية في الخليج. كما تم تعزيز القوات الامريكية وحلفائها في كل من العراق وافغانستان. ويجري انشاء قواعد صاروخية ومضادة للصواريخ في القفقاز ونظام دفاعي متطور في دول اوربا الشرقية وفي شرق البحر المتوسط رغم معارضة روسيا الاتحادية لذلك. وسرب الصحفي الامريكي المعروف سيمور هيرش انباء من اروقة "الپنتاگون" عن تشكيل هيئة اركان لهذ العملية ويترأسها نائب الرئيس الأمريكي ديك چيني. وهناك الكثير من الدلائل تشير الى أن الحملة سوف لا تتخذ طابع الإجتياح الشامل، بل توجيه ضربات مدمرة الى مراكز الأسلحة غير التقليدية وتصنيعها، والى تمركز القوات الصاروخية ومعسكرات الحرس الثوري الذي يعتبر العمود الفقري للدفاع عن النظام. وتفقد هذه الضربات قدرة الحكم على ممارسة سلطته وتجبره على الشعب في بلد واسع الارجاء ومتعدد الاثنيات والمذاهب وملئ بالتناقضات مما يشتت اوصاله. وعندها لا يستطيع هذا النظام الاستمرار في تسلطه لا نه ببساطة لا يتمتع بقاعدة شعبية متينة.
إن الهدف الرئيس من توجيه هذه الضربة هو شل قدرات ايران في التأثير والتدخل في العراق وافغانستان بالدرجة الاولى. ثم شل دعم ايران للقوى المناصرة لها في لبنان وفلسطين مما يوفر الاجواء لتسوية معينة لقضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتسوية الوضع الداخلي اللبناني. كما ستحد او تشل هذه الضربات قدرة ايران على تقديم المساعدة الى سوريا خاصة في ميدان الاسلحة الصاروخية والقوة البحرية والامدادات النفطية، مما يوفر الارضية لدخول سوريا الى عملية السلام في الشرق الاوسط وحل المشكلة اللبنانية ووضع حد للتدخل السوري في العراق. ولابد ان تفعل هذه الضربة فعلها في الحد من قلق الدول الخليجية من الامتداد الايراني في عدد من الدول العربية وحتى السودان وبرنامجه التسليحي. وستمهد هذه الضربة الطريق لقدر من التفاعلات الداخلية التي تنهي كل احتكار السلطة من قبل التيار الديني المتشدد في ايران. هذه هي ملامح واهداف التحرك الامريكي الذي يجري التحضير له بهدوء وبدون الضجيج الذي رافق التحضير للغزو الامريكي وحلفائها للعراق. فهل سيعي حكام ايران ذلك وينزعوا هذا الفتيل الخطر ويمهدوا للخلاص من هذا الخطر المحدق والتوقف عن تشبثهم بالسلطة وهو احد الوسائل لتفادي الحريق الذي ينتظر الشعب الايراني، او أنهم سيكرروا نفس اخطاء صدام القاتلة؟ نعيش ونشوف.

5/3/2007